الاثنين، 29 ديسمبر 2008

ثلاثية أطفال الحجارة

نزار قباني






بهروا الدنيا
وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاءوا كالقناديل
وجاءوا كالبشارة
قاوموا
وانفجروا
واستشهدوا
وبقينا دببا قطبية
صفحت أجسادها ضد الحرارة
قاتلوا عنا
إلى أن قتلوا
وبقينا في مقاهينا
كبصاق المحارة
واحد
يبحث منا عن تجارة
واحد
يطلب مليارا جديدا
وزواجا رابعا
ونهودا صقلتهن الحضارة
واحد
يبحث في لندن عن قصر منيف
واحد
يعمل سمسار سلاح
واحد
يطلب في البارات ثاره
واحد
يبحث عن عرش وجيش
وامارة
آه يا جيل الخيانات
ويا جيل العمولات
ويا جيل النفايات
ويا جيل الدعارة
سوف يجتاحك مهما أبطأ التاريخ
أطفال الحجارة
***
يا تلاميذ غزة
علمونا
بعض ما عندكم
فنحن نسينا
علمونا
بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال
صاروا عجينا
علمونا
كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال
ماسا ثمينا
كيف تغدو
دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير
يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب
إذا ما اعتقلوها
تحولت سكينا
يا تلاميذ غزة
لا تبالوا
بأذاعاتنا
ولا تسمعونا
اضربوا
اضربوا
بكل قواكم
واحزموا أمركم
ولا تسألونا
نحن أهل الحساب
والجمع
والطرح
فخوضوا حروبكم
واتركونا
إننا الهاربون
من خدمة الجيش
فهاتوا حبالكم
واشنقونا
نحن موتى
لا يملكون ضريحا
ويتامى
لا يملكون عيونا
قد لزمنا جحورنا
وطلبنا منكم
أن تقاتلوا التنينا
قد صغرنا أمامكم
ألف قرن
وكبرتم
خلال شهر قرونا
يا تلاميذ غزة
لا تعودوا
لكتاباتنا ولا تقرأونا
نحن آباؤكم
فلا تشبهونا
نحن أصنامكم
فلا تعبدونا
نتعاطى
القات السياسي
والقمع
ونبني مقابرا
وسجونا
حررونا
من عقدة الخوف فينا
واطردوا
من رؤوسنا الافيونا
علمونا
فن التشبث بالأرض
ولا تتركوا
المسيح حزينا
يا أحباءنا الصغار
سلاما
جعل الله يومكم
ياسمينا
من شقوق الأرض الخراب
طلعتم
وزرعتم جراحنا
نسرينا
هذه ثورة الدفاتر
والحبر
فكونوا على الشفاه
لحونا
أمطرونا
بطولة وشموخا
واغسلونا من قبحنا
اغسلونا
لا تخافوا موسى
ولا سحر موسى
واستعدوا
لتقطفوا الزيتونا
إن هذا العصر اليهودي
وهم
سوف ينهار
لو ملكنا اليقينا
يا مجانين غزة
ألف أهلا
بالمجانين
إن هم حررونا
إن عصر العقل السياسي
ولى من زمان
فعلمونا الجنونا


***
يرمي حجرا
أو حجرين
يقطع افعى اسرائيل الى نصفين
يمضغ لحم الدبابات
ويأتينا
من غير يدين
في لحظات
تظهر ارض فوق الغيم
ويولد وطن في العينين
في لحظات
تظهر حيفا
تظهر يافا
تأتي غزة في أمواج البحر
تضيء القدس
كمئذنة بين الشفتين
يرسم فرسا
من ياقوت الفجر
ويدخل
كالاسكندر ذي القرنين
يخلع أبواب التاريخ
وينهي عصر الحشاشين
ويقفل سوق القوادين
ويقطع أيدي المرتزقين
ويلقي تركة اهل الكهف
عن الكتفين
في لحظات
تحبل أشجار الزيتون
يدر حليب في الثديين
يرسم أرضا في طبريا
يزرع فيها سنبلتين
يرسم بيتا فوق الكرمل
يرسم أما تطحن عند الباب
وفنجانين
في لحظات تهجم رائحة الليمون
ويولد وطن في العينين
يرمي قمرا من عينيه السوداوين
وقد يرمي قمرين
يرمي قلما
يرمي كتبا
يرمي حبرا
يرمي صمغا
يرمي كراسات الرسم
وفرشاة الألوان
تصرخ مريم يا ولداه
وتأخذه بين الأحضان
يسقط ولد
في لحظات
يولد آلاف الصبيان
يكسف قمر غزاوي
في لحظات
يطلع قمر من بيسان
يدخل وطن للزنزانة
يولد وطن في العينين
ينفض عن نعليه الرمل
ويدخل في مملكة الماء
يفتح أفقا آخر
يبدع زمنا آخر
يكتب نصا آخر
يكسر ذاكرة الصحراء
يقتل لغة مستهلكة
منذ الهمزة حتى الياء
يفتح ثقبا في القاموس
ويعلن موت النحو
وموت قصائدنا العصماء
يرمي حجرا
يبدأ وجه فلسطين
يتشكل مثل قصيدة شعر
يرمي الحجر الثاني
تطفو عكا فوق الماء قصيدة شعر
يرمي الحجر الثالث
تطلع رام الله بنفسجة من ليل القهر
يرمي الحجر العاشر
حتى يظهر وجه الله
ويظهر نور الفجر
يرمي حجر الثورة
حتى يسقط آخر فاشستي
من فاشست العصر
يرمي
يرمي
يرمي
حتى يقلع نجمة داوود
بيديه
ويرميها في البحر
تسأل عن الصحف الكبرى
أي نبي هذا القادم من كنعان ؟
أي صبي
هذا الخارج من رحم الأحزان ؟
أي نبات أسطوري
هذا الطالع من بين الجدران ؟
أي نهور من ياقوت
فاضت من ورق القران ؟
يسأل عنه العرافون
ويسأل عنه الصوفيون
ويسأل عنه البوذيون
ويسأل عنه ملوك الجان
من هو الولد الطالع
مثل الخوخ الأحمر
من شجر النسيان ؟
من هو هذا الولد الطافش
من صور الأجداد
ومن كذب الأحفاد
ومن سروال بني قحطان ؟
من هو هذا الباحث
عن أزهار الحب
وعن شمس الإنسان ؟
ومن هو هذا الولد المشتعل العينين
كآلهة اليونان ؟
يسأل عنه المضطهدون
ويسأل عنه المقموعون
ويسأل عنه المنفيون
وتسأل عنه عصافير خلف القضبان
من هو هذا آلاتي
من أوجاع الشمع
ومن كتب الرهبان ؟
من هو هذا الولد
التبدأ في عينيه
بدايات الأكوان ؟
من هو
هذا الولد الزارع
قمح الثورة
في كل مكان ؟؟
يكتب عنه القصصيون
ويروي قصته الركبان
من هو هذا الطفل الهارب من شلل الأطفال
ومن سوس الكلمات ؟
من هو ؟
هذا الطافش من مزبلة الصبر
ومن لغة الأموات ؟
تسأل صحف العالم
كيف صبي مثل الوردة
يمحو العالم بالممحاة ؟
تسأل صحف في أمريكا
كيف صبي غزاوي
حيفاوي
عكاوي
نابلسي
يقلب شاحنة التاريخ
ويكسر بللور التوراة ؟؟

السبت، 27 ديسمبر 2008

قصيدة غزة

احمد فؤاد نجم


شي لله يا الغزاوية
يا وجع الامة العربية
لا انتو حماس
ولا عباس
فلسطين هي القضية
شي لله يا غزاوية
شي لله وعلي دلعونا
حكمونا ولاد الملعونة
والاخر خانم وباعونا
للنخاس والصهيونية
شي لله يا الغزاوية
شي لله وانتو لوحديكو
الله ينصركو ويهديكو
ويدمر دولة اعاديكو
والايام اهي رايحه وجايه
شي لله يا الغزاوية
شي لله ولا عادش رجوع
ويا الخاين والجربوع
الاطفال ماتت م الجوع
والعطشان مش لاقي الميه
شي لله يا الغزاوية
شي لله علي احلي كلام
ناس تصحي
والامة تنام
يعني قفاك يصبح قدام
يا العربي
وتركب عربية
شي لله يا الغزاوية

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

صرخة لغزة من بيروت، فمتى يصرخ كل العرب؟


كتب أمير قانصوه
يجتمع اليوم أكثر من عشرة آلاف طفل لبناني أمام مبنى الأسكوا في وسط بيروت، رافعين الصوت تضامناً مع أطفال غزة المحاصرين بالجوع والإرهاب والقتل الصهيوني.
صرخة يأمل هؤلاء الأطفال أن يسمعها العالم بمؤسساته الدولية وأنظمته السياسية، فيحن قلبه على الأطفال المقهورين والمعذبين، ليكسر الحصار الصهيوني المفروض على القطاع منذ نحو عامين ويسمح بدخول الأطعمة والأغذية والمحروقات لكي تعود الكهرباء الى المنازل والمستشفيات، وبالتالي الى أجهزة الإنعاش والتنفس فيها، لتعود الحياة الى مئات المرضى المهددة حياتهم بالموت بسبب توقف الكهرباء.

أكثر الذين يفهمون حقيقة ما يعاني منه الغزاويون، هم هؤلاء الأطفال اللبنانيون الذين اختبروا كل ما يعانيه أطفال غزة، من المجازر الجماعية الى استهداف المدارس ووسائل النقل اليها، الى الحصار البري والبحري والجوي ومنع كل وسائل الحياة من الوصول الى الناس.. وليس بعيداً عن الذاكرة العدوان الصهيوني ضد لبنان في تموز/ يوليو 2006، الذي حمل كل أشكال العدوان التي يتعرض لها القطاع.. حتى ان الحصار الذي فرضه العدو ضد لبنان استمر أكثر من شهر بعد توقف ما اصطلح على تسميته وقتها بالأعمال الحربية.
أهل غزة يملكون ـ كما اللبنانيون ـ من الإرادة ما يمكنهم من مواجهة الحصار وكسره، وقد أثبتوا ذلك، لكنهم لا يملكون جاراً كسوريا التي فتحت في عدوان تموز كل معابرها نحو لبنان، لتمر شحنات المواد الغذائية والطبية والمحروقات للمحاصرين، ودفعت من مواطنيها شهداء في سبيل كسر الحصار عن لبنان.
هؤلاء الأطفال الأبرياء هم أكثر من يعرف حقيقة ما يحصل في غزة، وهم أكثر من يدرك أن هذا العدو لديه من صفات الغطرسة والجبروت أكثر بكثير مما قد يسمح له بالرضوخ عند صرخة إنسانية، وهو الذي يرى مشهد الموت يتكرر.. لكنها صرخة تضامن موجهة الى العالم ليسمع ويرى، والى العرب الذين صمّوا آذانهم عن سماع أنات الجائعين والمقهورين والمعذبين. كما أنها صرخة للتاريخ من أطفال تركوا مقاعد دراستهم لينزلوا الى ساحات بيروت غاضبين، لعل أبناء غزة يجدون من يواسيهم.
فلو خرج مثلهم كل أطفال العرب يصرخون بوجه الطغاة الذين ينفذون الحصار أو يغطونه، فلا يعودون الى مدارسهم ومنازلهم قبل رفع الحصار عن غزة، فهل سيبقى هؤلاء الحكام صامتين كعادتهم؟

الانتقاد/ العدد 1320 ـ 2 كانون الاول/ ديسمبر 2008

الأربعاء، 27 أغسطس 2008

إغضب اغضب اغضب


فــاروق جويدة


إغضب - اغضب - اغضب
اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين
اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين
اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين

* * * *

اغضب
فالأرض تحزن حين ترتجف النسور
ويحتويها الخوف والحزن الدفين
الأرض تحزن حين يسترخى الرجال
مع النهاية .. عاجزين
* * * *

اغضب
فإن العار يسكـُنـُنا
ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح
يقتـُل في جوانحنا الحنين
ارفض زمان العهر
والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين
اغضب
فإنك إن ركعت اليوم
سوف تظل تركع بعد آلاف السنين
اغضب
فإن الناس حولك نائمون
وكاذبون
وعاهرون
ومنتشون بسكرة العجز المهين
اغضب
إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين
اغضب
فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ
كانت - وربُ الناسِ- خير العالمين
فالله لم يخلق شعوباً تستكين
* * * *

اغضب
إذا لاحت أمامك
صورة الكهان يبتسمون
والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين
ابصـُق على الشاشات
إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعين
اغضب
إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا
وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين
اغضب
إذا ارتعدت عيونك
والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين
* * * *
اغضب
إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ
باعت كل شئٍ
كل أرضٍ
كل عِرضٍ
كل دين

* * * *

ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـين
اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال
ويُـشرق الحق المبين
اغضب
ولا تُسمع احد

* * * *

فإنك إن تركت الأرض عارية
يُـضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل
سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال
جيلا ً.. بعد جيل
وترى النهاية أمة . مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل
ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم
واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل
كيف استباح الشرُ أرضك ؟
واستباح العُهر عرضك ؟
واستباح الذئبُ قبرك ؟
واستباحك فى الورى
ظلمُ الطـُغاةِ الطامعين ؟؟؟

* * * *

اغضب
إذا شاهدت كـُهَّان العروبة كل محتال تـَخـفـَّى في نفق
ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق
وتزاحم الكـُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق
اغضب
كـَـكـُـلِّ السَّاخطين
اغضب
فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا
عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدين

* * * *

إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد
ماتوا جائعين
فالأرض لا تنسى صهيل خيولها
حتى ولو غابت سنين
الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز
تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين
الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ
وتحب عـُـشاق الحياة
وكل عزمٍ لا يلين
فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني
وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى
وتسابق الضوءان
ضوء القبر .. في ضوء الجبين
وغداً يكون لنا الخلاص
يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين

* * * *

اغضب
فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين
اغضب
ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين
اغضب
فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب
ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب
والأرض أولى بالغضب
سافرت في كل العصور
وما رأيت .. سوى العجب
شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب
ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب
ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب
ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب
ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب
ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب
ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب
ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب
فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب
اغضب
ولا تُسمع أحد
قالوا بأن الأرض شاخت .. أجدبت
منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد
قالوا بأن الله خاصمها
وأن رجالها خانوا الأمانة
واستباحوا كل عهد
الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة
ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد
تـُخفى آساها عن عيون الناس تـُنكر عجزها
لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ
سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد

* * * *

اغضب
ولا تُسمع أحد
أ سمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد
أ سمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد
والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد
لم يبق غير الموت
إما أن تموت فداء أرضك
أو تـُباع لأي وغد
مت في ثراها
إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد

"خالتي" أم أحمد


ربيع دهام
أنت المعجونة بحطب الأيام ... والآلام
أنت التي خبزَتكِ السنين وخبزتيها بعرق يديك وجبينك ...
أنت التي رأيتِي أولادك يكبرون ويتزوجون ويسافرون ...ويستشهدون!
وأنت التي تصرخين بعد دمار كل بيت بنيتيه وكل حلم حلمتيه : " أينكم يا عرب؟!"
"أينكم يا عرب؟!" ......
خالتي إم أحمد ، ربما يسبّب كلامي هذا ألما ً إضافيا ً لك وحملا ً ثقيلا ً على صدرك ، ولكني أقول لك ... ولا أقول إلا الحقيقة.
خالتي إم أحمد ،إن الذين دمروا بيتك وحرقوا أرضك هم العرب!
إن الذين تسألين عنهم وتستنجدين بهم هم الآن في الغرفات المظلمة يخططون لقتلك ولقتل كل ما تمثلينه وكل ما تختزنينه في صدرك من عزة وكرامة وصبر وخير.
خالتي إم أحمد، إن العرب الذين تتألمين لغيابهم ليسوا غائبين!
إنهم في وقود الطائرات الصهيونية ،تأتي تحت جنح الظلام لتقصف بيتك وتدمر أرضك ..
إنهم في صواريخ البوارج تحطم عظام الأطفال .... لأن أطفالك يا خالتي هم بذور الثورة .
بذور الحياة الكريمة التي نريدها ولا يريدونها لنا ...
ثورة خلقتيها أنت .... وخرجت من رحم جهادك وعذابك ...
ثورة تربّت في حضنك ورَضِعَتْ من حليبِ الشقاء ، وكبرت وكبرت حتى صارت صرخة مدويّة تعانق السماء ...
يا خالتي أم أحمد ، أخاف على جرح شعورك ، ولكني أخجل من نفسي إن كذبت عليك وقلت لك إن العرب غائبون ....
يا ليتهم يا خالتي كذلك! .... يا ليتهم!
إنهم حاضرون في كل خنجر يطعن مقاوما ً
و حاضرون في كل قنبلة مزروعة تنفجر بمواطن على جنبات الطريق أو في سيارته ...
الآن يا خالتي هم مع الأميركيين والصهاينة في قصورهم يخططون لتدمير كل بلد عربي يقاوم.
فهم الذين دمروا العراق ... وهم الذين اليوم يحاربون مقاومته .
وهم الذين خططوا مع أولمرت وبوش لضرب أولادك في لبنان في حرب تموز ...
وهم الذين يحاصرون غزّة ويجوّعونها ... ليفعلوا بأطفالها ما فعلوه بالأولاد العراقيين .
وهم الذين اليوم يحاولون طعن المقاومة في الصدر بعد أن كانوا يحاولون طعنها من الخلف ...
حتى الخجل قد ذهب منهم يا خالتي ...قد تخلى عنهم بعد أن تركتهم الكرامة منذ زمن طويل ....
خالتي أم أحمد ، أرجوك لا تبكي ..فدمعة واحدة تسقط من عينيك تساوي عندي الدنيا وكل ما فيها ...
أحبسيها في عينيك وفي صدرك وفي كيانك علها تتفجّر بركان ثورة أكبر وأعمق في المستقبل القريب ....
ثورة على كل الفاسدين والفاسقين والظالمين على هذه الأرض ...
الثورة والمقاومة يا خالتي هي صنيعة يديك .... أنت أمها الأولى والأخيرة ...
والأم التي تهز ولدها في يمينها ....تهز العالم في يسارها ....
خالتي إم أحمد .... ثورتك هذه ستهز الدنيا ....فلا تستنجدي بالـ"عرب" ...
فعلى يدَيْ ثورتك المقدّسة ، ستهتز عروشهم هناك!

الثلاثاء، 15 يوليو 2008

انا عائد يا رقية


..في استقبال الشهداء والاسرى العائدين الى الحرية

احرقي البخور يا رقية
وانثري فوق الشموس الوافدة ورداً نديّا
لا تبخلي يا حبيبتي بنجوى عينيك
دمعك كل القضية
***
...أتذكرين يا رقية
حين كنت تجمعين الورد من حقول الشمس
فذرّى النسيم شعرك..
كنت أنا النسيم
وفوح تلك الزهور
أنا حبات الندى تبلل رمشك
***

أتذكرين يا رقية
حين رويت من كفوفي ثغرك
وغدوت وعداً في حلمك
ورسمت الأشرعة
لوناً من ضيا شمسك
كنت أنا السنا ينور دربك
***

يا ابنتي
يا حبة القلب
هذا أنا في عيون أبي رسمي
في زغاريد أمي اسمي
انا وعدك....
...أنا عائد يا رقية
هذا نعشي فوق كفوف المجد
من تراب الحبيبة الى ثرى الحب أعود
ولن أغادر قلبك
***

...أنا عائد يا رقية
افتحي كل الدروب
وارفعي فوق الرؤوس رأسك
قد جئتك اليوم شهيداً
اليوم يكتمل نصرك

امير قانصوه
10/تموز 2008

الثلاثاء، 8 يوليو 2008

زينب


( من حكايا انتصار المقاومة الاسلامية في مواجهة العدوان الصهيوني ـ تموز 2006)


ينحني الورد

في غمرة الريح
ولا ينكسر
القمح موج
غيوم الصيف تغامر
والقمر لا ينام
وطائرات تعدو كما الريح
واشباه الرجال تقامر
***
كل الدروب
تقطعها السواتر
والقذائف تحرق البيادر
والطائرات
الطائرات
تسرق غلال الحقول
الطائرات تعود.. وتعود
ترش الموت ولا تغادر
***
وزينب
تنتظر
أن يعود ابوها
حاملاً لها كيساً فيه حلوى وفلة
وحلماً وحكاية
.. ودرعاً
لصواريخ ذكية
الطائرات الطائرات
تسبق زينب
تسرق منه الهدية
.. تذبح فلة
وتقتل حلماً
فيه عناقاً وقبلة
.. صار رقماً
وضريحاً
ولأنه كان هناك
لأنه لم يدفن البندقية
صار نصراً من كرامة
***
وزينب
كلما كان للشمس طلة
تحرق البخوروتتلو من سورة النصر آية
تحفر بالطبشور
اسما ورسمة
.. وطائرات .. طائرات
ورقماً أممياً لن يعيد أباها...
..وفلة
***
لا ينحني الورد
لا يتيه القمر
وزينب اليوم تخيط
من مغزل الشمس وشاحاً
أصفر.. ونصراً



أمير قانصوه
بيروت نيسان/ابريل 2008

الاثنين، 7 يوليو 2008

بعد تحرير الأسرى.. تحرير لبنان


كتب امير قانصوه
دفع حزب الله الدم والروح وكل الاثمان الممكنة لتحقيق النصر الجديد على العدو بتحرير الاسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، الى جانب عشرات الأجساد الطاهرة للشهداء من المقاومين الذين يأسرهم العدو في "مقابر الارقام".
هذا انتصار سيادي كبير سيحتفل به كل لبنان، وسيكون فرصة جديدة للتعبير عن هوية هذا الوطن المقاوم الذي وبحسب تعبير قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، يكون أول بلد عربي حرر أرضه باستثناء مزارع شبعا، وحرر اسراه ولم يبق عند العدو عظمة واحدة من رفات شهدائه.
نعم.. هذه هي السيادة الوطنية الحقيقية، وهذا هو مصداق استراتيجية التحرير التي انتهجتها المقاومة منذ أعوام طويلة، وحققت من خلالها ما ترجوه لوطنها وشعبها وأمتها، ومنها تنبثق استراتيجية الدفاع التي تحقق في أول عناوينها قوة الردع التي تجعل العدو عاجزاً عن ارتكاب أي اعتداء ضد لبنان.. وبالتالي تحوّل أي مغامرة اسرائيلية الى هزيمة على غرار ما حصل قبل عامين في تموز/ يوليو 2006.
المقاومة بإرادة صادقة أمكنها أن تحقق ما عجزت كل الانظمة العربية عن تحقيقه، وبنفس الارادة الصادقة تنطلق اليوم الى مرحلة جديدة على المستوى الوطني كتعبير عن وعيها بأن حفظ ما أنجزته في ميدان المواجهة مع العدو انما يتأتى من الوحدة الوطنية والسلم الاهلي والتعامل بين مكونات الوطن بلا أطماع واستئثار، وببناء وطن تكون فيه السيادة، لإرادة ابنائه جميعاً دون وصاية من أحد.
وهكذا مدّ سيد الوعد الصادق مجدداً يده، ليحرر هذا البلد وأهله من كل الضغائن والاحقاد التي أنتجتها سنوات عجاف وأحلام المشروع الاميركي بالتسلل الى هذا البلد عبر أي طريق لتحقيق ما عجزت عنه اسرائيل طوال عشرات السنوات من الصراع، وخاصة ما بعد اجتياح بيروت في العام 1982.
السيادة الوطنية التي أنجزت المقاومة معظم مسؤولياتها اتجاهها، وهي تكمل بمسؤولية عالية للحفاظ عليها، لا تكتمل هذه السيادة الا حين تلتقي كل مكونات هذا البلد لتعيد بناءه مجدداً، على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، بروحية تتعالى فوق المصالح الضيقة، كما مجاهدي ومناضلي المقاومة وجنود الجيش الذين دفعوا الدم والارواح ونفذوا ما يتوجب عليهم.
بعد تحرير الاسرى.. الكثير من اللبنانيين سيكونون امام الامتحان.. امتحان تحرير لبنان.
الانتقاد/ العدد1278 ـ 4 تموز/ يوليو 2008

الأربعاء، 2 يوليو 2008

الوعد الصادق


كتب أمير قانصوه
عندما يجتاز سمير القنطار الحدود عائداً الى وطنه سيسجد على الأرض.. وسيقبل التراب وسيصرخ بملء فمه نحن انتصرنا..
سيحمل سمير بيده بعض التراب من أرض الوطن ويعفر به وجهه.. وسيأخذ نفساً عميقاً ليشتمّ من بين حبات التراب رائحة الدم الزاكي الذي ذرف فوق أرض الجنوب لأكثر من ثلاثين سنة ليتحقق التحرير ويصان الوطن ويعود الاسرى أحراراً الى وطنهم بقوة السلاح وإرادة الزنود الأبية وآلاف الشهداء الذين رسموا خطاً أحمر عريضاً بين معسكر الذل والهوان ومعسكر العزة والكرامة والكبرياء، وعميد الأسرى أبى إلا ان يكون في المعسكر الثاني.. فقضى ثلاثين سنة يقارع العدو عزيزاً من خلف قضبان السجون، ولذلك كان الوعد الصادق لتتويج عزته بالحرية.
لم يكن رهان سمير القنطار بحريته يوماً على قرار اسرائيلي ينهي سجنه الطويل، وهو يعلم أن العدو لن يفرط به دون ثمن، ولم يكن أيضاً رهانه على من يخرجه بثمن يجعله "أبو رغال" فيخرج مطأطئ الرأس، كما لم يكن رهانه على سلطة مأزومة لا ترى غير تحرير أرصدة زعمائها وزيادة أسهمهم، بينما الارض والأسرى والمقاومة وحماية الوطن خارج حساباتها.. لذلك كان رهانه ونجح على المجاهدين الصادقين الذين لا يقبلون أن يعود الى رحاب وطنه الا بطلاً مرفوع الرأس ولو كلفهم ذلك اثماناً كبيرة.
يدرك العدو تماماً أن قضية سمير القنطار هي قضية سيادة لبنان، وصون كرامته.. كما هي سيادة المقاومة في ميدان المواجهة ومقارعتها للعدو من موقع القوة التي لا تقبل الضعف أبداً.. وهي ايضاً قضية المقاومين وهيبتهم وحضورهم وثقتهم ووحدتهم، هي قضية من نوع الدفاع عن الانسان الذي هو أغلى من الارض..
سمير القنطار ورفاقه الاسرى سيكونون أحراراً بعد أيام قليلة.. وسيفتح لهم الوطن ذراعيه ليحضنهم، وسيسير موكبهم من الجنوب الى بيروت ليصنع مشهداً جديداً من مشاهد النصر التي تعودت المقاومة على صناعتها..
وهناك في تل أبيب سيشعر الكثيرون بالذل والعار والخيبة كما وعدهم أولمرت، كما سيشعر الكثيرون هنا وهناك بنفس الشعور المهين.
الاسرى الى الحرية.. والمقاومة الى انتصارات جديدة، هذا هو الوعد الصادق.
الانتقاد/ العدد1277 ـ 1 تموز/ يوليو 2008

الجمعة، 27 يونيو 2008

من الرغيف والى الرغيف

كتب أمير قانصوه
لو أن كل السلع تضاعف سعرها.. ولو زاد سعر المحروقات ما زاد، وحرق جيوبنا واستنزف دخل الفرد بأكمله، ولو متنا من البرد شتاء بسبب عدم قدرتنا على شراء المازوت، وانقطاع الكهرباء.. ولو صارت اللحوم والفواكه والخضار والمواد التموينية بسعر الذهب.. ولو متنا على أبواب المستشفيات، ولو متنا عطشاً من قلة الماء التي لا تصل الى بيوتنا .. فإننا قد نقبل مرغمين بكل ذلك، ولكن لن نقبل بزيادة قرش واحد على سعر ربطة الخبز.
خمسمئة ليرة جديدة ستذهب كل صباح مع ربطة الخبز.. وستكون ألف أو ألفين وأكثر.. كلما تضاعف عدد أفراد الأسرة وزاد استهلاكها للرغيف الاسمر.
هذا الامر ليس أمراً عادياً ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، فبغضّ النظر عن حجم كلفة الخبز من مجمل ما تنفقه الاسرة، وهو انفاق تضاعف ثلاث مرات في السنوات الثلاث الاخيرة، فإن الخبز وحده يشكل رمزاً للحياة والفقر والجوع والعوز، الخبز وحده هو مصدر العيش للفقراء، عليه تقوم وجبتهم الرئيسية، وبدونه يموت أطفالهم جوعاً.
قد لا يوافقني هذا القول كثيرون، ينظرون بالتساوي الى كل المواد التي تستهلكها الاسرة، على قاعدة القول المأثور "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان"، وهم بالفعل محقّون، فكل ما تنازلنا عنه لأجل رغيف الخبز هو ضروري. فالمحروقات مثلاً انعكس تضاعف سعرها على النقل والصناعة والطاقة وعلى الأسرة مباشرة التي تستهلك الوقود في نواحٍ مختلفة.. ولم نرَ أي سياسة حقيقية لمواجهة هذه الحالة.
هذا يعني أنه لم يعد الامر يرتبط برمزية رغيف الخبز، بل بكل الضروريات التي تتطلبها الأسرة لحياة عادية. وهنا تقع مسؤولية السلطة الحاكمة التي تركت منذ أكثر من عامين همّ الناس وتلهّت بأمورها الكيدية وكيفية الحفاظ على استئثارها بالحكم، وهو ما لم تفعله حتى الأنظمة التي يصفها رعاة هذا الحكم في لبنان بالدكتاتورية، والتي رأيناها في حالة استنفار دائم لمواجهة كل الآثار الناجمة عن ارتفاع السعر العالمي للنفط كسبب رئيس في حجم التضخم الذي يصيب لبنان كما معظم بلاد العالم.
بالأمس كانت المحروقات والقمح والارز والسكر ..الخ.. واليوم الرغيف، ولا نعلم ماذا سيحمل لنا الغد، فنار الغلاء لن تقف عند حدود الرغيف!!.
الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

التحرير والحرية ووهم التفلت من موجبات الصراع مع العدو


كتب أمير قانصوه
تضج ذاكرة الاجتياح الصهيوني للبنان في حزيران/ يونيو عام 1982 بمشاهد المآسي التي صنعتها أيدي جنود العدو الصهيوني وعملائهم في لبنان، بدعم وتغطية الولايات المتحدة الأميركية والعديد من الدول الغربية، وبتشجيع من الحلفاء اللبنانيين الذين ظنوا أن التفوق العسكري الصهيوني سيُجير تفوقاً أمنياً وسياسياً لهم، فيأخذون البلد الى حيث تكون مصالحهم وفي المحور الخاضع كلياً للإرادة الغربية.
هذه المشاهد التي لم تستطع كل السنوات الماضية محوها من ذاكرة اللبنانيين، من صبرا وشاتيلا الى الفاكهاني والبسطة وكل أحياء العاصمة بيروت، وقرى وبلدات الجنوب الى البقاع والمخيمات الفلسطينية، تحفل بالكثير من مشاهد القتل الجماعي والتدمير العشوائي للمنازل والممتلكات الخاصة والمنشآت العامة..
ولكن قبالة كل مشهد للموت يحضر مشهد للمقاومة، من الانتفاضات الشعبية والمواجهات النوعية والعمليات الاستشهادية في الجنوب، الى مواجهة خلدة التي أرّخت للطلقات الأولى للمقاومة الاسلامية في مواجهة العدو.. الى مواجهات برج أبي حيدر وكورنيش المزرعة وعملية البطل خالد علوان في منطقة الحمرا.. وغيرها الكثير من البطولات التي سطرها أبناء هذا الوطن الذين لم يروا في تلك الأيام عدواً لبلدهم غير "اسرائيل" وعملائها.. ولم يكن هدفهم غير تحرير بيروت من قبضة العدو ورفع العلم الوطني فوق سراياها لتعود حرّة عزيزة.
قاتلت العاصمة في العام 1982 يداً واحدة، وأمكنها بوحدتها أن تقهر العدو وتجعله يرتد مدحوراً.. ثم جاء دور الجنوب لينضم بمعظم أجزائه الى الحرية عام 1985، ولتواصل المقاومة سعيها الى التحرير، فكان 25 أيار/ مايو عام 2000، وتبعه تحرير الأسرى عام 2004، ثم استكمال صد العدوان الصهيوني صيف العام 2006، الذي أثمر الانتصار الاستراتيجي الكبير على العدو.
واليوم ينتظر اللبنانيون ومعهم كل العرب، تحرير ما تبقى من الأسرى ليكتمل عقد التحرير بالحرية، وهو موعد بات قريباً جداً.. جداً.
ان سياق هذه الأحداث، خاصة اذا ما حُرّرت مزارع شبعا واستعادها لبنان الى سيادته كاملة، يؤكد صوابية منطق المقاومة في التحرير والدفاع عن الوطن، وقدرتها على فرض معادلة القوة على العدو، وهي المعادلة الوحيدة التي تحفظ سيادة لبنان وتصون حدوده.
ذكرى مقاومة حصار بيروت تدفعنا الى استذكار المناضل الوطني جورج حاوي الذي قال يوماً: "إن إجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض لبنان هو محصلة لجملة مهام نضالية، على رأسها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال".. ليؤكد ان "ترتيب الوضع في لبنان يجب أن يتم على قاعدة الصراع مع اسرائيل، وليس على وهم التفلت من موجباته".

الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008

الجمعة، 20 يونيو 2008

سيسون الوقحة تستقبلها حجارة النبطية



كتب امير قانصوه
لم تكن بالتأكيد القائمة بأعمال السفارة الاميركية ميشال سيسون تتوقع أن يستقبلها أهل النبطية بالورود والزهور، وأن يصفقوا لطلتها في مدينة الصمود، وكذلك في قراها التي كانت على الدوام قلاع المقاومة ومنبت المجاهدين البواسل.
لم تعرف سيسون عن النبطية وقراها من دير الزهراني الى جبشيت والدوير والشرقية وحاروف وعربصاليم وكفررمان وكفرتبنيت حتى يحمر وأرنون والزرارية.. وشوكين وميفدون .. الخ.. غير ما حدثها به مستشاروها عن أن هذه المنطقة هي معقل للمقاومة وصرح للمواجهة والصمود منذ بدأ العدوان الصهيوني على لبنان منذ ما قبل العام 1948 الى اجتياح العام 1982، فعدوان تموز ـ آب 2006، الذي كانت ادارتها أول الداعمين والمؤيدين والمقررين له، وهو الذي أخذ من هذه المنطقة عشرات الشهداء، ودمر مئات المنازل، لكنه لم يسقط ارادة أهلها في مواجهة العدوان والمساندين له.. فبقيت راية المقاومة فوق كل الرايات التي كانت ترغب ادارة سيسون برفعها فوق لبنان.
ما فعله أهل هذه المنطقة أنهم استقبلوا بالامس وقاحة الادارة الاميركية وممثلتها في لبنان بما يليق بها.. استبدلوا الترحاب الذي تتمناه سيسون بالاعتراض، والمودة التي تشتهيها بالغضب، والورود التي كانت تنتظر أن تنثر فوق موكبها بالحجارة، حتى أنها لم تستطع الفرار من بين الجمهور الغاضب الذي خرج بشكل عفوي حين بلغه نبأ الزيارة المفاجئة.
ألا تعرف سيسون أن تغطية إدارتها للعدوان الصهيوني عام 2006 أوقع عدداً من المجازر بينها عائلات بأكملها كعائلة السيد عادل عكاش في الدوير.. الى عائلة الحركة في النميرية.. ومجزرتي النبطية وحاروف، ومعظم ضحاياها من الاطفال الصغار؟
ألا تعلم سيسون ان القنابل العنقودية التي زودت اداراتها العدو الصهيوني بها ما زالت حتى اليوم تنفجر في عدشيت وحبوش كما الالغام التي ما زالت مزروعة في ارضنا وأدت قبل اسبوع في القنطرة الى مقتل شاب من آل غصين في مقتبل العمر؟
نعم هي تعلم كل ذلك وتعلم أيضاً أن شعبنا الابي لن يرضى بأن تعبر طرقاته، أو أن تدوس أرضه التي تطهرت بدم آلاف الشهداء، وتعلم أن موكبها سيقابل بالحجارة كما عوملت دبابات العدو وجنوده في انتفاضة عاشوراء النبطية.. وتعلم أيضاً أنها غير مرغوب بها في لبنان فكيف في أرض المقاومة..
ولكنها الصلافة الاميركية التي جعلت كونداليسا رايس تقتحم أرضنا خلال عدوان تموز.. وهي أيضاً التي دفعت هذه الوقحة الى النبطية قبل أيام.
الانتقاد/ العدد1274 ـ 19حزيران/ يونيو 2008


الثلاثاء، 17 يونيو 2008

جهاد البناء.. التنمية صنو المقاومة



كتب أمير قانصوه

عندما انطلقت مؤسسة جهاد البناء الإنمائية في رحلتها الإعمارية على مستوى لبنان قبل عشرين عاماً، كانت تصبو الى رفع الحرمان عن المناطق التي أهملتها السلطات المتعاقبة، خصوصاً في مناطق المواجهة مع العدو الصهيوني.. لذا بدأت بإيصال مياه الشفة الى المواطنين عبر حفر الآبار أو خزانات بسيطة تضعها في الساحات، اضافة الى بناء بعض المشاريع البسيطة التي يمكنها أن تساعد الناس على الصمود في مواجهة آلة الحرب الصهيونية التي هدفت الى اقتلاع الناس من قراهم ومنازلهم. كما عملت على مكافحة الحرمان والإهمال اللذين ما زالا بارزين في الكثير من المناطق حتى اليوم.
كانت جهاد البناء اليد التي تبني الى جانب يد المقاومة التي تصارع هذا العدو. ومنذ ما قبل عدوان تموز/ يونيو 1993 أخذت جهاد البناء على عاتقها ترميم كل ما يتضرر بفعل الاعتداءات الصهيونية، وكانت الورشة الكبرى في عدوان نيسان/ أبريل عام 1996، الى الورشة الكبرى في أعقاب الحرب الصهيونية ضد لبنان صيف العام 2006 ومشروع ترميم الأبنية، كمشروع وعد وإنجازاته المهمة على صعيد إعادة إعمار الضاحية الجنوبية.
ربما يكون الإعمار هو السمة التي طبعت عمل مؤسسة جهاد البناء، لكن قبل الإعمار وإلى جانبه كان هناك مشاريع لا تقل أهمية، وتصب في الهدف الأساس، وهو دعم صمود مجتمع المقاومة.. فكانت المشاريع الزراعية التي أقيمت في البقاع والجنوب للإرشاد الزراعي والتنمية الريفية من المشاريع المهمة جداً على مستوى دعم المزارعين وتصويب جهودهم. كما تأتي الدورات التدريبية لمربي المواشي والطيور والأسماك والنحل، وأيضاً تدريب المرأة الريفية على إنتاج ما يؤمن الاكتفاء الذاتي لمجتمعها "المونة" كعامل أساس في دعم أبناء الأرياف ومساعدتهم للصمود في مناطقهم. وتلتقي هذه الجهود مع أهم البرامج التي تعمل عليها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. لا بل إن جهاد البناء ربما قامت بتطبيق البرامج المشار اليها قبل أن تطلقها هذه المنظمات، كما أن المصداقية والإتقان في عملها لا تستطيع هذه المنظمات او من يلتزم تنفيذ برامجها، تقديمهما بالمستوى الذي تقدمه جهاد البناء.
هكذا تبدو جهاد البناء والتيار المؤسس لها والداعم والراعي، وبشهادة من كل العاملين في مجال التنمية، مؤسسة متقدمة تزرع وتبني وتؤسس لمستقبل أفضل.. بينما هي في عيون الإرهابيين الأميركيين مؤسسة محظورة!
في عيدها العشرين ما زالت جهاد البناء تبسط كفها مقرونة بسنابل الخير.. فإلى الأمام وإلى مزيد من العطاء.
الانتقاد/ العدد1273 ـ 17 حزيران/ يونيو 2008

الجمعة، 13 يونيو 2008

الصبر على الصبر

يستطيع السياسيون اللبنانيون بكل برودة أعصاب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.. يستطيعون أن يشكلوها في الوقت الذي يشاؤون وبالأسماء التي يرغبون وبالألوان التي يختارونها.. لكن ما لا يستطيعونه هو إرغام الناس على الصبر!
فلا يستطيع الناس الصبر على التوترات الأمنية كالتي شهدها البقاع وبيروت، والتي صاحبت تنفيذ اتفاق الدوحة في بنده الثاني المتعلق بالحكومة.. وهي نتاج المماطلة في تشكيل هذه الحكومة بالصورة التي تؤمّن الاستقرار السياسي بنفس روحية ما اتفق عليه في الدوحة، أي تحت مبدأ الـ"لا غالب ولا مغلوب"، والذي صفق له الجميع من الشرق الى الغرب.
ولا يستطيع الناس الصبر على الكم الهائل من التحريض الذي تبثه وسائل إعلام تابعة لفريق السلطة، من النوع الذي أطلق عليه أحد مقدمي البرامج في تلفزيون تيار المستقبل بعد أحداث بيروت بالتفريغ النفسي.. وهو ما كان يقصد غير الشحن الطائفي والمذهبي، لا سيما أن حلقات الشحن التي أعدها جاءت بعد تصريحه الشهير بأنه بات الآن طائفياً.
ولا يستطيع الناس الصبر أيضاً وأيضاً على الغلاء في أسعار السلع والمواد الغذائية والتقنين القاسي في الكهرباء، والارتفاع المطّرد لأسعار الوقود من البنزين الى المازوت والغاز.. وكأنه بات على الناس أن يصبروا إذا هدد أمنهم تحت أعين سلطة لم يعد يهمها غير الإمساك أكثر بمقاليد الحكم والسيطرة على كل المواقع في الدولة، وعلى الناس أن يسكتوا اذا ما دخل التهديد من شاشات التلفزة.. وعليهم أن يصبروا صبر أيوب على سياسة تجويعهم وخنقهم.. وإذا لم تكن هي سياسة ففي الحد الأدنى لا يفعل السياسيون المتحكمون بالسلطة ما يمكن أن يضع حداً لجوعهم، وخير مثال على ذلك الكهرباء، فالمواطن لا يحتاج إلى منظار حتى يرى بواخر الفيول والمازوت متوقفة قبالة الشواطئ اللبنانية تحتاج من وزارة المال الى فتح اعتماد لمؤسسة الكهرباء لتفرغ حمولتها وتشع الأنوار في بيوت الناس.
مع كل ذلك يطلب من الناس الصبر ويطلب من المعارضة أن تتواضع في رفضها سياسة الاستئثار التي ينتهجها هذا الفريق منذ أكثر من عامين، ويصرّ اليوم على الاستمرار بها.
لتتشكل الحكومة متى يُتوافق على مفرداتها.. لكن حتى ذلك الحين ضعوا حداً للتوترات الأمنية.. كفوا عن التحريض المذهبي ودعوا الناس يأكلون، فقد شبعوا صبراً.
الانتقاد/ العدد1272 ـ 13 حزيران/ يونيو

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

تيار أكاديمي أم ميليشيا؟

استشاط رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري غضباً لاطِّلاعه على نبأ تعرض أحد عناصر تيار المستقبل للضرب المبرّح وإصابته بشكل خطير.. فاتخذ الاجراءات التالية:
ـ قرر باسم كتلة المستقبل الاعتكاف عن المشاركة في الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة.
ـ أنزل عناصر تياره "الاكاديمي" الى قصقص وأشعلوا الاطارات قاطعين الطريق أمام المارة، معيدين بيروت الى أيام التوتر الأمني..
ـ أمر حلفاءه وتمنى على الآخرين ممن يدور في فلكه إصدار البيانات المؤيدة لقراره الشجاع في وضع العصيّ في دواليب العهد الجديد وعرقلة اتفاق الدوحة في بنوده المتبقية.
ـ التوتير الامني حيث من الممكن ترجيح الكفة لمصلحة عناصره... الى غيرها من الاجراءات التي تشمل الزيارات التفقدية والصلوات في المساجد واللقاءات الشعبية التي أشار بها مستشاروه لعلها تغسل الخسائر التي مني بها فريق الموالاة، بدءاً من الأحداث الاخيرة ومروراً باتفاق الدوحة، ووصولاً الى الخلافات التي نشبت بينهم حول تسمية الوزراء وحصص كل فريق.
واضافة الى ذلك فإن بإمكان هذه النشاطات والحركات أن تعيد لسعد الحريري بعض الزعامة التي افتقدها جراء القرار الشهير الذي اتخذه الاوصياء باستبداله بفؤاد السنيورة ليكمل مشوار الاكثرية في عامه الاخير، ما عدّ بنظر الحلفاء والخصوم خسارة أخرى للزعيم المستقبلي، وهذا ما يفسر مفاجأة السنيورة بالقرار وبأنه علم به عبر شاشات التلفزة، في حين كانت تفترض اللياقة التشاور معه مسبقاً، وهو ما قرأه البعض على أنه موجه أيضاً ضد السنيورة قبل وضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة العتيدة.
كل هذه الامور قد يجدها زعيم المستقبل وعناصره "الاكاديمية" كما يدّعي مبرراً لعرقلة مسار تطبيق اتفاق الدوحة واعادة البلد الى الاجواء الامنية المتوترة، ولا يتفاجأ الزعيم الاكاديمي حين يجري توقيف عنصره عماد الزغلول في المستشفى بعدما تبين أنه مطلوب بأكثر من ست مذكّرات توقيف غيابية، آخرها بسبب محاولة قتل شابين في الطريق الجديدة.. فهو يعلم ماهية عناصره بدءاً من الطريق الجديدة وغيرها من أحياء العاصمة الى الشمال والبقاع الأوسط.
قضية الزغلول والتعاطي المستقبلي معها، اضافة الى ما يجري تداوله من بيانات لمقاطعة مؤسسات تجارية واجتماعية، يكشف إن كان التيار الذي أسسه الرئيس رفيق الحريري بقي تياراً أكاديمياً للمتعلمين، أم حوّله سعد الى ميليشيا.
أمير قانصوه

السبت، 7 يونيو 2008

الحكومة العتيدة والنوايا الأميركية الشيطانية

أمير قانصوه
لا أحد يعلم لماذا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة فؤاد السنيورة غير مستعجل في تشكيل الحكومة.
فكل الاعتبارات الوطنية منذ اتفاق الدوحة حتى الآن تؤكد الحاجة الملحة لحكومة وحدة وطنية تبصر النور سريعاً ودون أي تلكؤ.
هذا في الحسابات الوطنية التي تبنى على ضرورة أن يأخذ اتفاق الدوحة طريقه الى التنفيذ في سبيل إخراج البلد من حالة الشلل التي أصابت كل نواحي الحياة في لبنان منذ تربع فريق الاستئثار على الحكم ضارباً عرض الحائط بالميثاق الوطني وصيغة العيش المشترك كمبدأ أساسي للحكم في لبنان.. مستنداً الى أكثرية وهمية ما كان ليحققها لولا النوايا الحسنة لخصومه بترسيخ الوحدة الوطنية بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وكان أحد تجلياتها يومذاك التحالف الرباعي.. ولولا الدعم الخارجي غير المحدود.
بعد أن نجح فريقا المعارضة والموالاة في لبنان بإرساء اتفاق الدوحة، بادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى فتح أبواب البرلمان وترتيب انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي بأسرع من البرق.. الرئيس العماد ميشال سليمان بادر فوراً الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة العتيدة.. فكان فؤاد السنيورة الذي برغم رأي المعارضة فيه استنادا الى أدائه خلال العامين الاخيرين وبرغم عدم تسميته من نواب المعارضة.. بادرته بـ”الفل” ومن يد العماد ميشال عون.. لكن السنيورة ماذا يفعل؟
هو غير مستعجل لتشكيل الحكومة.. لأن فريق 14 آذار ضربته صاعقة التوزير، وحتى جلاء هذه العاصفة على كل اللبنانيين ان ينتظروا!
الأمر الآخر هو “الفيتو” الذي يريده الأميركي كحق مكتسب له للحفاظ على وصايته على البلد، والتي استلزم دحرها جهود عامين من المعارضة وتضحيات كثيرة وصولاً حتى الأحداث الأخيرة التي شهدتها بيروت والمناطق في أيار/ مايو الماضي.
من شروط سمير جعجع التوزيرية الى طموح “الحلفاء” الآذاريين بوزارات على مقدار رغباتهم النيابية، الى الشروط الأميركية التي بدأت تتكشف لاستعادة الوصاية، فإن “فريق الأكثرية” أمام تحدٍّ جديد لبناء لبنان المستقل عن الأميركيين والمتحرر أيضاً من رغبات وتوقعات بعض من هم داخل هذا الفريق. كما على السنيورة أن يدرك أن ترؤس حكومة الوحدة الوطنية يستلزم أن يضع نفسه ولو عاما واحدا في حساب فريق كل لبنان.
اذا لم يذهب السنيورة وفريقه سريعاً الى تشكيل حكومة الوحدة فإن اتفاق الدوحة سيكون من جديد رهينة هذا الفريق، ومن خلفه النوايا الأميركية الشيطانية.

الجمعة، 30 مايو 2008

نصف عمري من وريقاتها

كتب أمير قانصوه:
انه نصف عمري أو أكثر.. أجده هنا في أوراق مكدسة على بعضها وقد اصفرّ لونها.. يمكنني أن أحسب كم بلغت اليوم من العمر. وفي مدوناتي هذه أرشيف موثق يصلني بما مضى.. أو ربما وأنا أدقق في الكلمات التي صغتها على حافة طريق محفر.. أو حين جرف فيضان الأمطار أثاث منازل في حي السلم.. أو كتبتها في مغارة على جبل صافي، وكانت آخر كلمات قالها لي المجاهد ساجد قبل ان يستشهد ويغدو اسمه فادي حمادة، او..‏
هنا كان السيد عباس يمضي الى أهله يشتمّ من بؤسهم وجه الكرامة، وهنا يغرق السيد بدمه ويؤذن من نعشه المحمول من بئر العبد الى النبي شيت لنصر يصنعه من مضى بركبه..‏
انها "العهد" وما بين صفحاتها وأعدادها وسنواتها.. عمر مضرج بحبر الدم وأوراق مرصوفة بصور لفتيان مضوا الى عزهم، وقادة انشغلوا بصنع حكاية خاصة بهذا الوطن..‏
ما بين العدد الاول في حزيران 1984 وآخر عدد يصدر على الورق تقرأ حكاية حزب ومقاومة.. أوراق قد تختصر زمناً بدأ مع وجه الشيخ راغب وفتوحات الحاج جواد والدم المظلوم في شوارع المدينة.. وراية السيد عباس ما بين شباط وتموز ونيسان، وسيف النصر بيد نصر الله في بنت جبيل.. الى تموز ونفير النصر الحاسم في شهادة عماد المقاومة..‏
إنها "العهد" التي كانت صنو المقاومة.. رفيقتها منذ تلونت بحبر الدم المسفوك.. وطبعت على قلوب أحبتها ونزلاء دربها.. يقرأون في صفحاتها حكايات مشغولة من وجع وقهر وأمل وانتصارات.‏
كم سيفتقد لها من حملته أسيراً الى معتقل الخيام.. فقط لأنه خبّأ بين طيات ملابسه نسخة من "العهد".. وكم سينتظر ذلك الشيخ في "شقرا" صباح كل يوم جمعة من يحمل له نسخة من "العهد" فيقرأها ويحيلها الى صندوق خشبي، هو أرشيف هذه الجريدة الذي لا يفرط به وكأنه كنز يخبئه لآخر العمر.‏
كم افتقدنا الى "العهد".. حين صار اسمها "الانتقاد".. فبقيت "العهد" على كل لسان وكأننا لم نكن نرغب أن نخرج من ثوب لبسناه بزة للجهاد، نلتقي بها مع حلم المقاومة وأمل مجاهديها..‏
واليوم حين نخرج من أوراق "العهد" او "الانتقاد" الى فضاء الاعلام المعاصر وعالم الشبكة العنكبوتية وكلماتها الفوارة او المكهربة كما يسميها الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل، فإننا نصبو الى بلوغ كل من يحب أن يقرأنا.. ان يرى مقاومتنا مرسومة بالحروف، أن نقفز فوق الرقابة التي لا تتيح لكلمة المقاومة ان تعبر الى فضاء إنسانها لعل عدوى الحرية تصيبه.. نريده أن يجدنا متى يريد هو.. دون أن ينتظر اجراءات الشحن والتوزيع والمكتبة وعامل توزيع الاشتراكات.. نريد ان نصل الى الشباب الذين أخذهم من أوراقنا الانترنت، فلحقنا بهم الى حيث هم.. لنبلغ "رسالات الله".‏
ربما من الصعب على الانسان أن يهجر بيتاً سكن فيه بعض عمره، فكيف يهجر كل عمره..‏
سنشتاق الى الاوراق الصفراء ورائحة حبر المطابع.. سنشتاق للجريدة.. ومرحباً بالانترنت.‏
الانتقاد/ العدد1269 ـ 30 ايار، مايو 2008‏

الاثنين، 26 مايو 2008

من نكبة الى نكبة


مخيم اللاجئين الفلسطينيين في النبطية الذي يقع الى الغرب منها بالقرب من قرية الكفور، محته الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المنطقة.. حتى أصبح أثراً بعد عين.
أما مخيم تل الزعتر الواقع في شرق العاصمة اللبنانية بيروت فقد أزالته حملة عنصرية ولم يعد موجوداً على خارطة المخيمات الفلسطينية.
الى مخيم جسر الباشا والحال نفسه وصولاً الى مخيمي صبرا وشاتيلا وما كان مخططاً لهما في تلك المجزرة المروعة هو نسخة طبق الاصل عن النبطية وتل الزعتر.. أي ازالة المخيمين.
..الى مخيم نهر البارد والخوف الفلسطيني في هذا السياق مشروع، فما شاهده وسمعه سكان المخيم أعاد اليهم صورة حملات الترويع والقتل التي لاحقتهم من القرى والبلدات الفلسطينية الى مخيمات الشتات، لتضعهم دائماً أمام السؤال عن المصير وما يخطط لهم.
من اللحظة الأولى للمواجهة مع "فتح الاسلام" هناك من العنصريين اللبنانيين القدامى والجدد من دعا الى تجاوز وجود الفلسطينيين الانساني في المخيم، ومنذ سنوات يسمع هؤلاء عن مشروع التوطين الذي يرعاه الغرب بميزانيات خيالية وجوائز ترضية اقتصادية للدول الموطّنة، وقبل أيام تحدثت "الانروا" عن مشروع لبناء منازل لمهجري البارد في المخيمات التي لجأوا اليها!
هل الخوف الذي دعا فلسطينيي البارد الى التظاهر ورفض "الاعاشات" هو عقدة سياسية ملازمة لهم منذ نكبتهم الأولى؟.. نعم انها عقدة لكنها غير عقدة المؤامرة التي يتهم بها العرب، حتى باتوا لا يكترثون للمؤامرات. عقدة مشروعة تجعلهم يفضلون العيش في "بيوت التنك" داخل مخيمات الشتات مع أمل العودة الى فلسطين.. على كل الابراج التي قد يعدهم بها التوطين.
الخوف من انضمام مخيم نهر البارد الى مخيمي النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا.. واقعي، لذلك تصبح ابادة هذا المخيم خطاً أحمر.
أمير قانصوه
1حزيران/يونيو2007

في ظلال النصر


"الحرب بالنسبة الى "اسرائيل" مسألة حياة أو موت"..

شمعون بيريز يقول ذلك في الايام الاولى لـ"حرب اسرائيل الثانية" ضد لبنان، يعني أن الحرب ستكون قاسية جداً، فـ"اسرائيل" لا تنظر اليها على انها معركة عادية في سياق المواجهة بينها وبين المقاومة، بل معركة وجود سيتحدد من خلالها لمن البقاء ولمن الموت، من ستنهيه الهزيمة ومن سيكتب له البقاء والحياة مع النصر، هذا أقل ما ظنه كثيرون سمعوا شمعون بيريز.أهداف الحرب التي اعلنها قادة العدو طوال أيام المواجهة لم تحِد عن ذلك، الغاء الخصم وانهاء وجوده، المجريات الميدانية للحرب من الجهة الاسرائيلية كانت بمستواها ونوعيتها وتدرجها تهدف الى تحقيق طموح "اسرائيل"، والى حماية وجودها بجولة حرب جديدة لتحيا القوة العظمى المزروعة فيها.هذا حساب الحقل، أما حساب البيدر فقد كان بيد رجال الله: لا حياة لـ"اسرائيل"، لا وجود لهذا الهيكل المتخلخل، وستمنى بالهزيمة.في المواجهات الميدانية من البحر الى البر كان العدو في كل يوم يقترب اكثر من هزيمته.. ادرك قادته ذلك فأوغلوا أكثر في رمي جنودهم الى حفرة النار، من عيتا الشعب الى مارون الراس فالخيام وسهل بعلبك... وكان هؤلاء الضباط والجنود لا يعودون ليبلغوا قادتهم الاغبياء من يقاتلون.. أما من يعود حياً من جنود أولمرت، فقد كان لا يخبر شيئاً، ضراوة المواجهة أخرسته.في الحساب البسيط المبني على الاهداف استناداً الى تصريحات اولمرت وبيرتس وحلوتس.. فقد انتهت الحرب في 14 آب 2006 الى أقسى هزيمة في تاريخ "اسرائيل".. وما حمله تقرير لجنة فينوغراد كان مجرد التصديق الرسمي على الهزيمة.. وما شهدناه وسنشهده من تداعيات في الكيان الغاصب هو تحقيق مؤكد لنبوءة بيريز بأن الهزيمة هي مسألة موت لهذا الكيان.في الايام الاولى من الحرب قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إن الإسرائيليين سيدركون أن قادتهم أغبياء وحمقى، لم تكن تلك نبوءة بل يقين بأن الله حليف المستضعفين.. يسدد خطاهم ويمن عليهم بالقوة والثبات."اسرائيل" وحلفاؤها مهزومون..تحية لكل من يحيا في ظلال النصر الإلهي الاستراتيجي.
أمير قانصوه
4 ايار/مايو 2007

أبوّة بوش

خرج الموضوع عن حدود الشك، وقطع الظن باليقين، فالحكومة القابضة على البلاد هي حكومة "مزرعة تكساس"، وأمر بقائها تستمده من البيت الابيض. المسألة لم تعد مستورة ابداً، والفضيحة وقّع عليها بوش في بيان رسمي أكد وصايته وأبوته وحبه وعشقه للحكومة ورئيسها والفريق الذي يتحلق حولها..‏ ربما ظن معدّ البيان البيضاوي انه كشف المستور، وأن أجهزة استخباراته اليقظة والفطنة اكتشفت شيئاً عظيماً عن مؤامرة انقلابية يجري الإعداد لها تحت جنح الظلام لتطيير موظفيه في لبنان، وأن الخطة تقتضي تنظيم تظاهرات عارمة لن تهدأ حتى يتحقق التغيير الحكومي المنشود.‏صُدم اللبنانيون من الاكتشاف العظيم لإدارة بوش، وحزنوا جداً لما سيؤول إليه مصير حكومتهم الشباطية، التي جاءت بها قوى اعتمدت للتغيير خياراً "ديمقراطياً حراً ونزيهاً" باركته واشنطن، وعمدت الى تقديم كل التسهيلات المطلوبة لتحقيقه، ولم تتوقف عن احتضانه وحمايته حتى بالحرب الدموية على طول لبنان وعرضه.‏ هكذا تكون الأبوّة الحقيقية، وفي هكذا مواقف يُظهر الأصدقاء محبتهم، فلا يبخلون على حلفائهم حتى بالدماء التي نزفت من الشعب الذي يدّعون انهم السلطة الحامية له.‏ للوهلة الأولى فرح الرئيس السنيورة حين سمع بيان البيت الأبيض، وأدرك ان الأصدقاء لا يتخلون في الشدائد عن بعضهم، وهزّ برأسه زعيم المختارة فزيارته الى واشنطن لم تذهب هباءً، وبالتأكيد سيختلف مع زملائه من زوار واشنطن على أبوّة البيان، ومن سيقبض ثمنه السياسي وغير السياسي، وستبتدع قريطم حلاً لإرضاء شركائها حتى لا يتقاتلوا، فتصبح كلفة إرضائهم أكبر.‏ نِعْمَ الادارة الاميركية هي التي لا تتخلى عن "موظفيها" ـ وأظن انها في هذه المرحلة لن تتركهم ـ ستحميهم بكل ما أوتيت من قوة، وإذا ضاق الامر بها أجلتهم كما تجلي رعاياها، ولو اضطرت لدفع ثمن بطاقات السفر.‏ في فيتنام (كما ذكّرنا السيد) الامر لم يكن كذلك.‏
أمير قانصوه
‏ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006

سقط فيلتمان.. فانتصرنا

انقلاب على فيلتمان.. كان هذا هو عنوان هذه الزاوية في 1ـ 12ـ 2006.. أي في اليوم الذي انطلق فيه تحرك المعارضة الوطنية اللبنانية بهدف الشراكة السياسية في بناء الوطن ووضع حد للوصاية الأميركية التي كانت بلغت حد ادارة البلد من قبل السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان..
يومها خرج الكثير من أقطاب الفريق الحاكم ليصفوا تحرك المعارضة الوطنية بالانقلاب على الدولة بهدف استجلاب وصاية أخرى، ووضعوا كل قدراتهم العصبية والمذهبية، وبنوا من عنادهم جداراً أمام أكثر من نصف اللبنانيين الذين لم يخرجوا الى ساحات بيروت بهدف التغيير، بل الشراكة، مع انهم كانوا قادرين حينها على قلب الحكم وفرض رؤيتهم بإرادة شعبية حقيقية.
ويستطيع أي مراقب من خلال مراجعة متأنية لما حصل طوال أكثر من عام ونصف قبل اتفاق الدوحة أن يكتشف أن ما شهده لبنان هو أطول تحرك سلمي مدني لأهداف سياسية لم يكن له مثيل حتى في الدول التي تدعي الديمقراطية، وهذا يكشف ان المعارضة كانت تملك ارادة وصبراً لم يتوافرا للفريق الحاكم الذي جهد لتحويل الاختلاف السياسي الى صراع مذهبي، وأخرج مسلحيه في اكثر من مناسبة الى الشوارع معترضاً انصار المعارضة ومعتدياً عليهم بالسلاح..
وكانت المعارضة تقابل ذلك بالصبر الذي نفد حين تجاوز هذا الفريق الحدود القصوى، وانتقل من مرحلة الوصاية الى مرحلة تنفيذ البرنامج الاميركي، وأول بنوده إنهاء المقاومة.. وخرجت المعارضة من الاحداث الأخيرة أيضاً بتواضع برغم أرجحيتها في الشارع، وذهبت الى الحوار في الدوحة تريد الاتفاق الذي يسقط الاستئثار والارتهان الى الخارج.. وحتى عندما أنجز اتفاق الدوحة متضمنا السلة المتكاملة وكل ما كانت تطالب به المعارضة، تعاملت مع انتصارها هذا بتواضع، فلم تطلق عليه حتى صفة انتصار..
نعم هو انتصار لأنه أسقط منطق فيلتمان، وحقق الانقلاب المأمول على الوصاية الاميركية، وبالتالي لا أحد يمكن أن يدرك حقيقة هذا الانتصار، كما يدرك الاميركيون حجم الهزيمة التي ذاقوا طعمها في تموز عام 2006، وفي 25 أيار عام 2000.
نعم هزمت أميركا فانتصرنا.
أمير قانصوه

الجمعة، 23 مايو 2008

بنت القضية.. وفاء فلسطين

(وفاء ادريس أول استشهادية فلسطينية في انتفاضة الاقصى)


أبحث
عن فتاة كانت تحمل الدواء
.. تبلسم الجراح
كانت معنا في الخنادق
لا زلت انتظر الدواء
لم تأت اليوم الى المخيم
***
أنا هنا ..
جئتك يا فارس الشجعان
لك معي رسالة..
مكتوبة على الغار
..يا مغوار
***
يا أم محمد..
أتيت اليك..
وعلى كفي دمي
أحمل نعشي
وكفن محمد
***
يا سارة الخليل
أنت أمي..
وحكايتي المشغولة بالاسى
أهزّ سريرك المفروش بالورد
أكحل عينيك بالعنبر
كان حلمي أن أضمك
أنت أمي
***
أخي يا شجاع..
انتظرني عند كل المفارق والدروب
أنا أي بنت أنا
بنت القدس..
بنت يافا وحيفا
بنت جنين وغزة
أنا وفاء وهويتي المقدسية
اكتب على جدران المخيم
وفاء استشهادية
***
حملت سيفي وروحي
وهنا في قلبكم
في حينا المشغول بالحكايا
في بيتنا الموسوم بالشظايا
في الارض التي قتلتم
هنا حتفكم
أرضنا قبركم
***
يا همة الهمم
انت الحقول المروية من فيض الشموس
أنت الدروب المعشقة بلون الغروب
أنت الوطن يا وفاء
انت حلم العبور الى حلم فلسطين
انت القضية
بوركت يا وفاء
يا أخت الرجال
يا كل الرجال

الثلاثاء، 20 مايو 2008

دماء




كان دماء صديقاً.. وكان الحنين الى الطفولة يجمعنا..
سقط مصطفى أمهز شهيداً
وهو يسعف الجرحى في أحداث كنيسة ما مخايل(بيروت)
هات من وجدك
عمرك الحب
وجهك السماء
طيفك الوعد
يا حكاية شوق
نسجت من شرايين دماء
***
الشفق
لون حناء النوارس في عرس الربيع
والبحر
مدى يخضبه نجيع القلب
والليل
شجى نبضه آهات الروح
والساكن فضاء العيون
عيونه لا تغمض
ما دام يسكنها دماء
****
سل كل المساءات
إبدأ من "جلال"
ذاك الذي روى وجوهنا
من سواقي"الوقف"
كبر من قبة "يوسف"
وأمَّ صلاتنا في محراب "جبريل"
وحين غادر صبحنا
سكبنا كل حبنا في شرايين دماء
****
حين قمنا نرفع اسمك فوق الساريات
عاد طيفك
من ظلال الجبال
يداوي بالجرح ندوب قلوبنا
ولما سقينا ترابك ماء العيون
كنت أنت نبع الحنين
مجرى السواقي الحائرات
وحين جاء الموت أيام الخنادق
وعلا صليل البنادق
كنت انت النصر
موئل الطيور العابرات
ما كان عز من دون "دماء"
بيروت، آذار / مارس 2008


بلدي



أشتاق الى بستاننا الأخضر
..الى ساقية في الوادي
وشجرة الجوز
وكل (سوالف) الماضي
الى توتة شامية
ترسم وجوهنا بحبرها الوردي
وحكايات كما (العين) لا تنضب
***
سمعت نشيدك العذب
كرذاذ من الشلال
لمحت وجهك آتياً من القمر
رأيت طيفك يعدو بحور القمح
فقلت أهلاً
يا أهلي
يا بلدي
يا وطني
***
وطني مرصوف في قلبي مداميك من الصوان
قلبي مشغول من وطني ينابيع من التحنان
أجيء اليه أشكو
أرى أمي
كغيمات من عينيها تسقيني
أسأل عن سر هذا الحب في قلبي
يجاوبني دم من شراييني
دم أخي وعشرات من الشبان
قناديل مضرجة كما الشفق
على وجه الشمس كتبوا
سر هذا الحب
وصاياهم
بحور الغضب سكبوا
في الوجدان
***
أحن الى أيام
كما التذكار
قد صارت
على الجدران..
معلقة
صامتة
تأسرني
تقتلني
..وان نطقت
كان
الغيث راويها
تحييني
وتحملني
صوب مراتع الخلان
..أعشقك يا بلدي

الاثنين، 19 مايو 2008

أهلا بكم

أهلاً بكم في هذه المدونة التي تتناول الموضوعات السياسية والادبية