الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

صرخة لغزة من بيروت، فمتى يصرخ كل العرب؟


كتب أمير قانصوه
يجتمع اليوم أكثر من عشرة آلاف طفل لبناني أمام مبنى الأسكوا في وسط بيروت، رافعين الصوت تضامناً مع أطفال غزة المحاصرين بالجوع والإرهاب والقتل الصهيوني.
صرخة يأمل هؤلاء الأطفال أن يسمعها العالم بمؤسساته الدولية وأنظمته السياسية، فيحن قلبه على الأطفال المقهورين والمعذبين، ليكسر الحصار الصهيوني المفروض على القطاع منذ نحو عامين ويسمح بدخول الأطعمة والأغذية والمحروقات لكي تعود الكهرباء الى المنازل والمستشفيات، وبالتالي الى أجهزة الإنعاش والتنفس فيها، لتعود الحياة الى مئات المرضى المهددة حياتهم بالموت بسبب توقف الكهرباء.

أكثر الذين يفهمون حقيقة ما يعاني منه الغزاويون، هم هؤلاء الأطفال اللبنانيون الذين اختبروا كل ما يعانيه أطفال غزة، من المجازر الجماعية الى استهداف المدارس ووسائل النقل اليها، الى الحصار البري والبحري والجوي ومنع كل وسائل الحياة من الوصول الى الناس.. وليس بعيداً عن الذاكرة العدوان الصهيوني ضد لبنان في تموز/ يوليو 2006، الذي حمل كل أشكال العدوان التي يتعرض لها القطاع.. حتى ان الحصار الذي فرضه العدو ضد لبنان استمر أكثر من شهر بعد توقف ما اصطلح على تسميته وقتها بالأعمال الحربية.
أهل غزة يملكون ـ كما اللبنانيون ـ من الإرادة ما يمكنهم من مواجهة الحصار وكسره، وقد أثبتوا ذلك، لكنهم لا يملكون جاراً كسوريا التي فتحت في عدوان تموز كل معابرها نحو لبنان، لتمر شحنات المواد الغذائية والطبية والمحروقات للمحاصرين، ودفعت من مواطنيها شهداء في سبيل كسر الحصار عن لبنان.
هؤلاء الأطفال الأبرياء هم أكثر من يعرف حقيقة ما يحصل في غزة، وهم أكثر من يدرك أن هذا العدو لديه من صفات الغطرسة والجبروت أكثر بكثير مما قد يسمح له بالرضوخ عند صرخة إنسانية، وهو الذي يرى مشهد الموت يتكرر.. لكنها صرخة تضامن موجهة الى العالم ليسمع ويرى، والى العرب الذين صمّوا آذانهم عن سماع أنات الجائعين والمقهورين والمعذبين. كما أنها صرخة للتاريخ من أطفال تركوا مقاعد دراستهم لينزلوا الى ساحات بيروت غاضبين، لعل أبناء غزة يجدون من يواسيهم.
فلو خرج مثلهم كل أطفال العرب يصرخون بوجه الطغاة الذين ينفذون الحصار أو يغطونه، فلا يعودون الى مدارسهم ومنازلهم قبل رفع الحصار عن غزة، فهل سيبقى هؤلاء الحكام صامتين كعادتهم؟

الانتقاد/ العدد 1320 ـ 2 كانون الاول/ ديسمبر 2008