الجمعة، 27 يونيو 2008

من الرغيف والى الرغيف

كتب أمير قانصوه
لو أن كل السلع تضاعف سعرها.. ولو زاد سعر المحروقات ما زاد، وحرق جيوبنا واستنزف دخل الفرد بأكمله، ولو متنا من البرد شتاء بسبب عدم قدرتنا على شراء المازوت، وانقطاع الكهرباء.. ولو صارت اللحوم والفواكه والخضار والمواد التموينية بسعر الذهب.. ولو متنا على أبواب المستشفيات، ولو متنا عطشاً من قلة الماء التي لا تصل الى بيوتنا .. فإننا قد نقبل مرغمين بكل ذلك، ولكن لن نقبل بزيادة قرش واحد على سعر ربطة الخبز.
خمسمئة ليرة جديدة ستذهب كل صباح مع ربطة الخبز.. وستكون ألف أو ألفين وأكثر.. كلما تضاعف عدد أفراد الأسرة وزاد استهلاكها للرغيف الاسمر.
هذا الامر ليس أمراً عادياً ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، فبغضّ النظر عن حجم كلفة الخبز من مجمل ما تنفقه الاسرة، وهو انفاق تضاعف ثلاث مرات في السنوات الثلاث الاخيرة، فإن الخبز وحده يشكل رمزاً للحياة والفقر والجوع والعوز، الخبز وحده هو مصدر العيش للفقراء، عليه تقوم وجبتهم الرئيسية، وبدونه يموت أطفالهم جوعاً.
قد لا يوافقني هذا القول كثيرون، ينظرون بالتساوي الى كل المواد التي تستهلكها الاسرة، على قاعدة القول المأثور "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان"، وهم بالفعل محقّون، فكل ما تنازلنا عنه لأجل رغيف الخبز هو ضروري. فالمحروقات مثلاً انعكس تضاعف سعرها على النقل والصناعة والطاقة وعلى الأسرة مباشرة التي تستهلك الوقود في نواحٍ مختلفة.. ولم نرَ أي سياسة حقيقية لمواجهة هذه الحالة.
هذا يعني أنه لم يعد الامر يرتبط برمزية رغيف الخبز، بل بكل الضروريات التي تتطلبها الأسرة لحياة عادية. وهنا تقع مسؤولية السلطة الحاكمة التي تركت منذ أكثر من عامين همّ الناس وتلهّت بأمورها الكيدية وكيفية الحفاظ على استئثارها بالحكم، وهو ما لم تفعله حتى الأنظمة التي يصفها رعاة هذا الحكم في لبنان بالدكتاتورية، والتي رأيناها في حالة استنفار دائم لمواجهة كل الآثار الناجمة عن ارتفاع السعر العالمي للنفط كسبب رئيس في حجم التضخم الذي يصيب لبنان كما معظم بلاد العالم.
بالأمس كانت المحروقات والقمح والارز والسكر ..الخ.. واليوم الرغيف، ولا نعلم ماذا سيحمل لنا الغد، فنار الغلاء لن تقف عند حدود الرغيف!!.
الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

التحرير والحرية ووهم التفلت من موجبات الصراع مع العدو


كتب أمير قانصوه
تضج ذاكرة الاجتياح الصهيوني للبنان في حزيران/ يونيو عام 1982 بمشاهد المآسي التي صنعتها أيدي جنود العدو الصهيوني وعملائهم في لبنان، بدعم وتغطية الولايات المتحدة الأميركية والعديد من الدول الغربية، وبتشجيع من الحلفاء اللبنانيين الذين ظنوا أن التفوق العسكري الصهيوني سيُجير تفوقاً أمنياً وسياسياً لهم، فيأخذون البلد الى حيث تكون مصالحهم وفي المحور الخاضع كلياً للإرادة الغربية.
هذه المشاهد التي لم تستطع كل السنوات الماضية محوها من ذاكرة اللبنانيين، من صبرا وشاتيلا الى الفاكهاني والبسطة وكل أحياء العاصمة بيروت، وقرى وبلدات الجنوب الى البقاع والمخيمات الفلسطينية، تحفل بالكثير من مشاهد القتل الجماعي والتدمير العشوائي للمنازل والممتلكات الخاصة والمنشآت العامة..
ولكن قبالة كل مشهد للموت يحضر مشهد للمقاومة، من الانتفاضات الشعبية والمواجهات النوعية والعمليات الاستشهادية في الجنوب، الى مواجهة خلدة التي أرّخت للطلقات الأولى للمقاومة الاسلامية في مواجهة العدو.. الى مواجهات برج أبي حيدر وكورنيش المزرعة وعملية البطل خالد علوان في منطقة الحمرا.. وغيرها الكثير من البطولات التي سطرها أبناء هذا الوطن الذين لم يروا في تلك الأيام عدواً لبلدهم غير "اسرائيل" وعملائها.. ولم يكن هدفهم غير تحرير بيروت من قبضة العدو ورفع العلم الوطني فوق سراياها لتعود حرّة عزيزة.
قاتلت العاصمة في العام 1982 يداً واحدة، وأمكنها بوحدتها أن تقهر العدو وتجعله يرتد مدحوراً.. ثم جاء دور الجنوب لينضم بمعظم أجزائه الى الحرية عام 1985، ولتواصل المقاومة سعيها الى التحرير، فكان 25 أيار/ مايو عام 2000، وتبعه تحرير الأسرى عام 2004، ثم استكمال صد العدوان الصهيوني صيف العام 2006، الذي أثمر الانتصار الاستراتيجي الكبير على العدو.
واليوم ينتظر اللبنانيون ومعهم كل العرب، تحرير ما تبقى من الأسرى ليكتمل عقد التحرير بالحرية، وهو موعد بات قريباً جداً.. جداً.
ان سياق هذه الأحداث، خاصة اذا ما حُرّرت مزارع شبعا واستعادها لبنان الى سيادته كاملة، يؤكد صوابية منطق المقاومة في التحرير والدفاع عن الوطن، وقدرتها على فرض معادلة القوة على العدو، وهي المعادلة الوحيدة التي تحفظ سيادة لبنان وتصون حدوده.
ذكرى مقاومة حصار بيروت تدفعنا الى استذكار المناضل الوطني جورج حاوي الذي قال يوماً: "إن إجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض لبنان هو محصلة لجملة مهام نضالية، على رأسها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال".. ليؤكد ان "ترتيب الوضع في لبنان يجب أن يتم على قاعدة الصراع مع اسرائيل، وليس على وهم التفلت من موجباته".

الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008

الجمعة، 20 يونيو 2008

سيسون الوقحة تستقبلها حجارة النبطية



كتب امير قانصوه
لم تكن بالتأكيد القائمة بأعمال السفارة الاميركية ميشال سيسون تتوقع أن يستقبلها أهل النبطية بالورود والزهور، وأن يصفقوا لطلتها في مدينة الصمود، وكذلك في قراها التي كانت على الدوام قلاع المقاومة ومنبت المجاهدين البواسل.
لم تعرف سيسون عن النبطية وقراها من دير الزهراني الى جبشيت والدوير والشرقية وحاروف وعربصاليم وكفررمان وكفرتبنيت حتى يحمر وأرنون والزرارية.. وشوكين وميفدون .. الخ.. غير ما حدثها به مستشاروها عن أن هذه المنطقة هي معقل للمقاومة وصرح للمواجهة والصمود منذ بدأ العدوان الصهيوني على لبنان منذ ما قبل العام 1948 الى اجتياح العام 1982، فعدوان تموز ـ آب 2006، الذي كانت ادارتها أول الداعمين والمؤيدين والمقررين له، وهو الذي أخذ من هذه المنطقة عشرات الشهداء، ودمر مئات المنازل، لكنه لم يسقط ارادة أهلها في مواجهة العدوان والمساندين له.. فبقيت راية المقاومة فوق كل الرايات التي كانت ترغب ادارة سيسون برفعها فوق لبنان.
ما فعله أهل هذه المنطقة أنهم استقبلوا بالامس وقاحة الادارة الاميركية وممثلتها في لبنان بما يليق بها.. استبدلوا الترحاب الذي تتمناه سيسون بالاعتراض، والمودة التي تشتهيها بالغضب، والورود التي كانت تنتظر أن تنثر فوق موكبها بالحجارة، حتى أنها لم تستطع الفرار من بين الجمهور الغاضب الذي خرج بشكل عفوي حين بلغه نبأ الزيارة المفاجئة.
ألا تعرف سيسون أن تغطية إدارتها للعدوان الصهيوني عام 2006 أوقع عدداً من المجازر بينها عائلات بأكملها كعائلة السيد عادل عكاش في الدوير.. الى عائلة الحركة في النميرية.. ومجزرتي النبطية وحاروف، ومعظم ضحاياها من الاطفال الصغار؟
ألا تعلم سيسون ان القنابل العنقودية التي زودت اداراتها العدو الصهيوني بها ما زالت حتى اليوم تنفجر في عدشيت وحبوش كما الالغام التي ما زالت مزروعة في ارضنا وأدت قبل اسبوع في القنطرة الى مقتل شاب من آل غصين في مقتبل العمر؟
نعم هي تعلم كل ذلك وتعلم أيضاً أن شعبنا الابي لن يرضى بأن تعبر طرقاته، أو أن تدوس أرضه التي تطهرت بدم آلاف الشهداء، وتعلم أن موكبها سيقابل بالحجارة كما عوملت دبابات العدو وجنوده في انتفاضة عاشوراء النبطية.. وتعلم أيضاً أنها غير مرغوب بها في لبنان فكيف في أرض المقاومة..
ولكنها الصلافة الاميركية التي جعلت كونداليسا رايس تقتحم أرضنا خلال عدوان تموز.. وهي أيضاً التي دفعت هذه الوقحة الى النبطية قبل أيام.
الانتقاد/ العدد1274 ـ 19حزيران/ يونيو 2008


الثلاثاء، 17 يونيو 2008

جهاد البناء.. التنمية صنو المقاومة



كتب أمير قانصوه

عندما انطلقت مؤسسة جهاد البناء الإنمائية في رحلتها الإعمارية على مستوى لبنان قبل عشرين عاماً، كانت تصبو الى رفع الحرمان عن المناطق التي أهملتها السلطات المتعاقبة، خصوصاً في مناطق المواجهة مع العدو الصهيوني.. لذا بدأت بإيصال مياه الشفة الى المواطنين عبر حفر الآبار أو خزانات بسيطة تضعها في الساحات، اضافة الى بناء بعض المشاريع البسيطة التي يمكنها أن تساعد الناس على الصمود في مواجهة آلة الحرب الصهيونية التي هدفت الى اقتلاع الناس من قراهم ومنازلهم. كما عملت على مكافحة الحرمان والإهمال اللذين ما زالا بارزين في الكثير من المناطق حتى اليوم.
كانت جهاد البناء اليد التي تبني الى جانب يد المقاومة التي تصارع هذا العدو. ومنذ ما قبل عدوان تموز/ يونيو 1993 أخذت جهاد البناء على عاتقها ترميم كل ما يتضرر بفعل الاعتداءات الصهيونية، وكانت الورشة الكبرى في عدوان نيسان/ أبريل عام 1996، الى الورشة الكبرى في أعقاب الحرب الصهيونية ضد لبنان صيف العام 2006 ومشروع ترميم الأبنية، كمشروع وعد وإنجازاته المهمة على صعيد إعادة إعمار الضاحية الجنوبية.
ربما يكون الإعمار هو السمة التي طبعت عمل مؤسسة جهاد البناء، لكن قبل الإعمار وإلى جانبه كان هناك مشاريع لا تقل أهمية، وتصب في الهدف الأساس، وهو دعم صمود مجتمع المقاومة.. فكانت المشاريع الزراعية التي أقيمت في البقاع والجنوب للإرشاد الزراعي والتنمية الريفية من المشاريع المهمة جداً على مستوى دعم المزارعين وتصويب جهودهم. كما تأتي الدورات التدريبية لمربي المواشي والطيور والأسماك والنحل، وأيضاً تدريب المرأة الريفية على إنتاج ما يؤمن الاكتفاء الذاتي لمجتمعها "المونة" كعامل أساس في دعم أبناء الأرياف ومساعدتهم للصمود في مناطقهم. وتلتقي هذه الجهود مع أهم البرامج التي تعمل عليها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. لا بل إن جهاد البناء ربما قامت بتطبيق البرامج المشار اليها قبل أن تطلقها هذه المنظمات، كما أن المصداقية والإتقان في عملها لا تستطيع هذه المنظمات او من يلتزم تنفيذ برامجها، تقديمهما بالمستوى الذي تقدمه جهاد البناء.
هكذا تبدو جهاد البناء والتيار المؤسس لها والداعم والراعي، وبشهادة من كل العاملين في مجال التنمية، مؤسسة متقدمة تزرع وتبني وتؤسس لمستقبل أفضل.. بينما هي في عيون الإرهابيين الأميركيين مؤسسة محظورة!
في عيدها العشرين ما زالت جهاد البناء تبسط كفها مقرونة بسنابل الخير.. فإلى الأمام وإلى مزيد من العطاء.
الانتقاد/ العدد1273 ـ 17 حزيران/ يونيو 2008

الجمعة، 13 يونيو 2008

الصبر على الصبر

يستطيع السياسيون اللبنانيون بكل برودة أعصاب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.. يستطيعون أن يشكلوها في الوقت الذي يشاؤون وبالأسماء التي يرغبون وبالألوان التي يختارونها.. لكن ما لا يستطيعونه هو إرغام الناس على الصبر!
فلا يستطيع الناس الصبر على التوترات الأمنية كالتي شهدها البقاع وبيروت، والتي صاحبت تنفيذ اتفاق الدوحة في بنده الثاني المتعلق بالحكومة.. وهي نتاج المماطلة في تشكيل هذه الحكومة بالصورة التي تؤمّن الاستقرار السياسي بنفس روحية ما اتفق عليه في الدوحة، أي تحت مبدأ الـ"لا غالب ولا مغلوب"، والذي صفق له الجميع من الشرق الى الغرب.
ولا يستطيع الناس الصبر على الكم الهائل من التحريض الذي تبثه وسائل إعلام تابعة لفريق السلطة، من النوع الذي أطلق عليه أحد مقدمي البرامج في تلفزيون تيار المستقبل بعد أحداث بيروت بالتفريغ النفسي.. وهو ما كان يقصد غير الشحن الطائفي والمذهبي، لا سيما أن حلقات الشحن التي أعدها جاءت بعد تصريحه الشهير بأنه بات الآن طائفياً.
ولا يستطيع الناس الصبر أيضاً وأيضاً على الغلاء في أسعار السلع والمواد الغذائية والتقنين القاسي في الكهرباء، والارتفاع المطّرد لأسعار الوقود من البنزين الى المازوت والغاز.. وكأنه بات على الناس أن يصبروا إذا هدد أمنهم تحت أعين سلطة لم يعد يهمها غير الإمساك أكثر بمقاليد الحكم والسيطرة على كل المواقع في الدولة، وعلى الناس أن يسكتوا اذا ما دخل التهديد من شاشات التلفزة.. وعليهم أن يصبروا صبر أيوب على سياسة تجويعهم وخنقهم.. وإذا لم تكن هي سياسة ففي الحد الأدنى لا يفعل السياسيون المتحكمون بالسلطة ما يمكن أن يضع حداً لجوعهم، وخير مثال على ذلك الكهرباء، فالمواطن لا يحتاج إلى منظار حتى يرى بواخر الفيول والمازوت متوقفة قبالة الشواطئ اللبنانية تحتاج من وزارة المال الى فتح اعتماد لمؤسسة الكهرباء لتفرغ حمولتها وتشع الأنوار في بيوت الناس.
مع كل ذلك يطلب من الناس الصبر ويطلب من المعارضة أن تتواضع في رفضها سياسة الاستئثار التي ينتهجها هذا الفريق منذ أكثر من عامين، ويصرّ اليوم على الاستمرار بها.
لتتشكل الحكومة متى يُتوافق على مفرداتها.. لكن حتى ذلك الحين ضعوا حداً للتوترات الأمنية.. كفوا عن التحريض المذهبي ودعوا الناس يأكلون، فقد شبعوا صبراً.
الانتقاد/ العدد1272 ـ 13 حزيران/ يونيو

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

تيار أكاديمي أم ميليشيا؟

استشاط رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري غضباً لاطِّلاعه على نبأ تعرض أحد عناصر تيار المستقبل للضرب المبرّح وإصابته بشكل خطير.. فاتخذ الاجراءات التالية:
ـ قرر باسم كتلة المستقبل الاعتكاف عن المشاركة في الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة.
ـ أنزل عناصر تياره "الاكاديمي" الى قصقص وأشعلوا الاطارات قاطعين الطريق أمام المارة، معيدين بيروت الى أيام التوتر الأمني..
ـ أمر حلفاءه وتمنى على الآخرين ممن يدور في فلكه إصدار البيانات المؤيدة لقراره الشجاع في وضع العصيّ في دواليب العهد الجديد وعرقلة اتفاق الدوحة في بنوده المتبقية.
ـ التوتير الامني حيث من الممكن ترجيح الكفة لمصلحة عناصره... الى غيرها من الاجراءات التي تشمل الزيارات التفقدية والصلوات في المساجد واللقاءات الشعبية التي أشار بها مستشاروه لعلها تغسل الخسائر التي مني بها فريق الموالاة، بدءاً من الأحداث الاخيرة ومروراً باتفاق الدوحة، ووصولاً الى الخلافات التي نشبت بينهم حول تسمية الوزراء وحصص كل فريق.
واضافة الى ذلك فإن بإمكان هذه النشاطات والحركات أن تعيد لسعد الحريري بعض الزعامة التي افتقدها جراء القرار الشهير الذي اتخذه الاوصياء باستبداله بفؤاد السنيورة ليكمل مشوار الاكثرية في عامه الاخير، ما عدّ بنظر الحلفاء والخصوم خسارة أخرى للزعيم المستقبلي، وهذا ما يفسر مفاجأة السنيورة بالقرار وبأنه علم به عبر شاشات التلفزة، في حين كانت تفترض اللياقة التشاور معه مسبقاً، وهو ما قرأه البعض على أنه موجه أيضاً ضد السنيورة قبل وضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة العتيدة.
كل هذه الامور قد يجدها زعيم المستقبل وعناصره "الاكاديمية" كما يدّعي مبرراً لعرقلة مسار تطبيق اتفاق الدوحة واعادة البلد الى الاجواء الامنية المتوترة، ولا يتفاجأ الزعيم الاكاديمي حين يجري توقيف عنصره عماد الزغلول في المستشفى بعدما تبين أنه مطلوب بأكثر من ست مذكّرات توقيف غيابية، آخرها بسبب محاولة قتل شابين في الطريق الجديدة.. فهو يعلم ماهية عناصره بدءاً من الطريق الجديدة وغيرها من أحياء العاصمة الى الشمال والبقاع الأوسط.
قضية الزغلول والتعاطي المستقبلي معها، اضافة الى ما يجري تداوله من بيانات لمقاطعة مؤسسات تجارية واجتماعية، يكشف إن كان التيار الذي أسسه الرئيس رفيق الحريري بقي تياراً أكاديمياً للمتعلمين، أم حوّله سعد الى ميليشيا.
أمير قانصوه

السبت، 7 يونيو 2008

الحكومة العتيدة والنوايا الأميركية الشيطانية

أمير قانصوه
لا أحد يعلم لماذا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة فؤاد السنيورة غير مستعجل في تشكيل الحكومة.
فكل الاعتبارات الوطنية منذ اتفاق الدوحة حتى الآن تؤكد الحاجة الملحة لحكومة وحدة وطنية تبصر النور سريعاً ودون أي تلكؤ.
هذا في الحسابات الوطنية التي تبنى على ضرورة أن يأخذ اتفاق الدوحة طريقه الى التنفيذ في سبيل إخراج البلد من حالة الشلل التي أصابت كل نواحي الحياة في لبنان منذ تربع فريق الاستئثار على الحكم ضارباً عرض الحائط بالميثاق الوطني وصيغة العيش المشترك كمبدأ أساسي للحكم في لبنان.. مستنداً الى أكثرية وهمية ما كان ليحققها لولا النوايا الحسنة لخصومه بترسيخ الوحدة الوطنية بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وكان أحد تجلياتها يومذاك التحالف الرباعي.. ولولا الدعم الخارجي غير المحدود.
بعد أن نجح فريقا المعارضة والموالاة في لبنان بإرساء اتفاق الدوحة، بادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى فتح أبواب البرلمان وترتيب انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي بأسرع من البرق.. الرئيس العماد ميشال سليمان بادر فوراً الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة العتيدة.. فكان فؤاد السنيورة الذي برغم رأي المعارضة فيه استنادا الى أدائه خلال العامين الاخيرين وبرغم عدم تسميته من نواب المعارضة.. بادرته بـ”الفل” ومن يد العماد ميشال عون.. لكن السنيورة ماذا يفعل؟
هو غير مستعجل لتشكيل الحكومة.. لأن فريق 14 آذار ضربته صاعقة التوزير، وحتى جلاء هذه العاصفة على كل اللبنانيين ان ينتظروا!
الأمر الآخر هو “الفيتو” الذي يريده الأميركي كحق مكتسب له للحفاظ على وصايته على البلد، والتي استلزم دحرها جهود عامين من المعارضة وتضحيات كثيرة وصولاً حتى الأحداث الأخيرة التي شهدتها بيروت والمناطق في أيار/ مايو الماضي.
من شروط سمير جعجع التوزيرية الى طموح “الحلفاء” الآذاريين بوزارات على مقدار رغباتهم النيابية، الى الشروط الأميركية التي بدأت تتكشف لاستعادة الوصاية، فإن “فريق الأكثرية” أمام تحدٍّ جديد لبناء لبنان المستقل عن الأميركيين والمتحرر أيضاً من رغبات وتوقعات بعض من هم داخل هذا الفريق. كما على السنيورة أن يدرك أن ترؤس حكومة الوحدة الوطنية يستلزم أن يضع نفسه ولو عاما واحدا في حساب فريق كل لبنان.
اذا لم يذهب السنيورة وفريقه سريعاً الى تشكيل حكومة الوحدة فإن اتفاق الدوحة سيكون من جديد رهينة هذا الفريق، ومن خلفه النوايا الأميركية الشيطانية.