الأربعاء، 2 يوليو 2008

الوعد الصادق


كتب أمير قانصوه
عندما يجتاز سمير القنطار الحدود عائداً الى وطنه سيسجد على الأرض.. وسيقبل التراب وسيصرخ بملء فمه نحن انتصرنا..
سيحمل سمير بيده بعض التراب من أرض الوطن ويعفر به وجهه.. وسيأخذ نفساً عميقاً ليشتمّ من بين حبات التراب رائحة الدم الزاكي الذي ذرف فوق أرض الجنوب لأكثر من ثلاثين سنة ليتحقق التحرير ويصان الوطن ويعود الاسرى أحراراً الى وطنهم بقوة السلاح وإرادة الزنود الأبية وآلاف الشهداء الذين رسموا خطاً أحمر عريضاً بين معسكر الذل والهوان ومعسكر العزة والكرامة والكبرياء، وعميد الأسرى أبى إلا ان يكون في المعسكر الثاني.. فقضى ثلاثين سنة يقارع العدو عزيزاً من خلف قضبان السجون، ولذلك كان الوعد الصادق لتتويج عزته بالحرية.
لم يكن رهان سمير القنطار بحريته يوماً على قرار اسرائيلي ينهي سجنه الطويل، وهو يعلم أن العدو لن يفرط به دون ثمن، ولم يكن أيضاً رهانه على من يخرجه بثمن يجعله "أبو رغال" فيخرج مطأطئ الرأس، كما لم يكن رهانه على سلطة مأزومة لا ترى غير تحرير أرصدة زعمائها وزيادة أسهمهم، بينما الارض والأسرى والمقاومة وحماية الوطن خارج حساباتها.. لذلك كان رهانه ونجح على المجاهدين الصادقين الذين لا يقبلون أن يعود الى رحاب وطنه الا بطلاً مرفوع الرأس ولو كلفهم ذلك اثماناً كبيرة.
يدرك العدو تماماً أن قضية سمير القنطار هي قضية سيادة لبنان، وصون كرامته.. كما هي سيادة المقاومة في ميدان المواجهة ومقارعتها للعدو من موقع القوة التي لا تقبل الضعف أبداً.. وهي ايضاً قضية المقاومين وهيبتهم وحضورهم وثقتهم ووحدتهم، هي قضية من نوع الدفاع عن الانسان الذي هو أغلى من الارض..
سمير القنطار ورفاقه الاسرى سيكونون أحراراً بعد أيام قليلة.. وسيفتح لهم الوطن ذراعيه ليحضنهم، وسيسير موكبهم من الجنوب الى بيروت ليصنع مشهداً جديداً من مشاهد النصر التي تعودت المقاومة على صناعتها..
وهناك في تل أبيب سيشعر الكثيرون بالذل والعار والخيبة كما وعدهم أولمرت، كما سيشعر الكثيرون هنا وهناك بنفس الشعور المهين.
الاسرى الى الحرية.. والمقاومة الى انتصارات جديدة، هذا هو الوعد الصادق.
الانتقاد/ العدد1277 ـ 1 تموز/ يوليو 2008