الثلاثاء، 24 يونيو 2008

التحرير والحرية ووهم التفلت من موجبات الصراع مع العدو


كتب أمير قانصوه
تضج ذاكرة الاجتياح الصهيوني للبنان في حزيران/ يونيو عام 1982 بمشاهد المآسي التي صنعتها أيدي جنود العدو الصهيوني وعملائهم في لبنان، بدعم وتغطية الولايات المتحدة الأميركية والعديد من الدول الغربية، وبتشجيع من الحلفاء اللبنانيين الذين ظنوا أن التفوق العسكري الصهيوني سيُجير تفوقاً أمنياً وسياسياً لهم، فيأخذون البلد الى حيث تكون مصالحهم وفي المحور الخاضع كلياً للإرادة الغربية.
هذه المشاهد التي لم تستطع كل السنوات الماضية محوها من ذاكرة اللبنانيين، من صبرا وشاتيلا الى الفاكهاني والبسطة وكل أحياء العاصمة بيروت، وقرى وبلدات الجنوب الى البقاع والمخيمات الفلسطينية، تحفل بالكثير من مشاهد القتل الجماعي والتدمير العشوائي للمنازل والممتلكات الخاصة والمنشآت العامة..
ولكن قبالة كل مشهد للموت يحضر مشهد للمقاومة، من الانتفاضات الشعبية والمواجهات النوعية والعمليات الاستشهادية في الجنوب، الى مواجهة خلدة التي أرّخت للطلقات الأولى للمقاومة الاسلامية في مواجهة العدو.. الى مواجهات برج أبي حيدر وكورنيش المزرعة وعملية البطل خالد علوان في منطقة الحمرا.. وغيرها الكثير من البطولات التي سطرها أبناء هذا الوطن الذين لم يروا في تلك الأيام عدواً لبلدهم غير "اسرائيل" وعملائها.. ولم يكن هدفهم غير تحرير بيروت من قبضة العدو ورفع العلم الوطني فوق سراياها لتعود حرّة عزيزة.
قاتلت العاصمة في العام 1982 يداً واحدة، وأمكنها بوحدتها أن تقهر العدو وتجعله يرتد مدحوراً.. ثم جاء دور الجنوب لينضم بمعظم أجزائه الى الحرية عام 1985، ولتواصل المقاومة سعيها الى التحرير، فكان 25 أيار/ مايو عام 2000، وتبعه تحرير الأسرى عام 2004، ثم استكمال صد العدوان الصهيوني صيف العام 2006، الذي أثمر الانتصار الاستراتيجي الكبير على العدو.
واليوم ينتظر اللبنانيون ومعهم كل العرب، تحرير ما تبقى من الأسرى ليكتمل عقد التحرير بالحرية، وهو موعد بات قريباً جداً.. جداً.
ان سياق هذه الأحداث، خاصة اذا ما حُرّرت مزارع شبعا واستعادها لبنان الى سيادته كاملة، يؤكد صوابية منطق المقاومة في التحرير والدفاع عن الوطن، وقدرتها على فرض معادلة القوة على العدو، وهي المعادلة الوحيدة التي تحفظ سيادة لبنان وتصون حدوده.
ذكرى مقاومة حصار بيروت تدفعنا الى استذكار المناضل الوطني جورج حاوي الذي قال يوماً: "إن إجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض لبنان هو محصلة لجملة مهام نضالية، على رأسها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال".. ليؤكد ان "ترتيب الوضع في لبنان يجب أن يتم على قاعدة الصراع مع اسرائيل، وليس على وهم التفلت من موجباته".

الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008