الاثنين، 26 مايو 2008

من نكبة الى نكبة


مخيم اللاجئين الفلسطينيين في النبطية الذي يقع الى الغرب منها بالقرب من قرية الكفور، محته الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المنطقة.. حتى أصبح أثراً بعد عين.
أما مخيم تل الزعتر الواقع في شرق العاصمة اللبنانية بيروت فقد أزالته حملة عنصرية ولم يعد موجوداً على خارطة المخيمات الفلسطينية.
الى مخيم جسر الباشا والحال نفسه وصولاً الى مخيمي صبرا وشاتيلا وما كان مخططاً لهما في تلك المجزرة المروعة هو نسخة طبق الاصل عن النبطية وتل الزعتر.. أي ازالة المخيمين.
..الى مخيم نهر البارد والخوف الفلسطيني في هذا السياق مشروع، فما شاهده وسمعه سكان المخيم أعاد اليهم صورة حملات الترويع والقتل التي لاحقتهم من القرى والبلدات الفلسطينية الى مخيمات الشتات، لتضعهم دائماً أمام السؤال عن المصير وما يخطط لهم.
من اللحظة الأولى للمواجهة مع "فتح الاسلام" هناك من العنصريين اللبنانيين القدامى والجدد من دعا الى تجاوز وجود الفلسطينيين الانساني في المخيم، ومنذ سنوات يسمع هؤلاء عن مشروع التوطين الذي يرعاه الغرب بميزانيات خيالية وجوائز ترضية اقتصادية للدول الموطّنة، وقبل أيام تحدثت "الانروا" عن مشروع لبناء منازل لمهجري البارد في المخيمات التي لجأوا اليها!
هل الخوف الذي دعا فلسطينيي البارد الى التظاهر ورفض "الاعاشات" هو عقدة سياسية ملازمة لهم منذ نكبتهم الأولى؟.. نعم انها عقدة لكنها غير عقدة المؤامرة التي يتهم بها العرب، حتى باتوا لا يكترثون للمؤامرات. عقدة مشروعة تجعلهم يفضلون العيش في "بيوت التنك" داخل مخيمات الشتات مع أمل العودة الى فلسطين.. على كل الابراج التي قد يعدهم بها التوطين.
الخوف من انضمام مخيم نهر البارد الى مخيمي النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا.. واقعي، لذلك تصبح ابادة هذا المخيم خطاً أحمر.
أمير قانصوه
1حزيران/يونيو2007

في ظلال النصر


"الحرب بالنسبة الى "اسرائيل" مسألة حياة أو موت"..

شمعون بيريز يقول ذلك في الايام الاولى لـ"حرب اسرائيل الثانية" ضد لبنان، يعني أن الحرب ستكون قاسية جداً، فـ"اسرائيل" لا تنظر اليها على انها معركة عادية في سياق المواجهة بينها وبين المقاومة، بل معركة وجود سيتحدد من خلالها لمن البقاء ولمن الموت، من ستنهيه الهزيمة ومن سيكتب له البقاء والحياة مع النصر، هذا أقل ما ظنه كثيرون سمعوا شمعون بيريز.أهداف الحرب التي اعلنها قادة العدو طوال أيام المواجهة لم تحِد عن ذلك، الغاء الخصم وانهاء وجوده، المجريات الميدانية للحرب من الجهة الاسرائيلية كانت بمستواها ونوعيتها وتدرجها تهدف الى تحقيق طموح "اسرائيل"، والى حماية وجودها بجولة حرب جديدة لتحيا القوة العظمى المزروعة فيها.هذا حساب الحقل، أما حساب البيدر فقد كان بيد رجال الله: لا حياة لـ"اسرائيل"، لا وجود لهذا الهيكل المتخلخل، وستمنى بالهزيمة.في المواجهات الميدانية من البحر الى البر كان العدو في كل يوم يقترب اكثر من هزيمته.. ادرك قادته ذلك فأوغلوا أكثر في رمي جنودهم الى حفرة النار، من عيتا الشعب الى مارون الراس فالخيام وسهل بعلبك... وكان هؤلاء الضباط والجنود لا يعودون ليبلغوا قادتهم الاغبياء من يقاتلون.. أما من يعود حياً من جنود أولمرت، فقد كان لا يخبر شيئاً، ضراوة المواجهة أخرسته.في الحساب البسيط المبني على الاهداف استناداً الى تصريحات اولمرت وبيرتس وحلوتس.. فقد انتهت الحرب في 14 آب 2006 الى أقسى هزيمة في تاريخ "اسرائيل".. وما حمله تقرير لجنة فينوغراد كان مجرد التصديق الرسمي على الهزيمة.. وما شهدناه وسنشهده من تداعيات في الكيان الغاصب هو تحقيق مؤكد لنبوءة بيريز بأن الهزيمة هي مسألة موت لهذا الكيان.في الايام الاولى من الحرب قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إن الإسرائيليين سيدركون أن قادتهم أغبياء وحمقى، لم تكن تلك نبوءة بل يقين بأن الله حليف المستضعفين.. يسدد خطاهم ويمن عليهم بالقوة والثبات."اسرائيل" وحلفاؤها مهزومون..تحية لكل من يحيا في ظلال النصر الإلهي الاستراتيجي.
أمير قانصوه
4 ايار/مايو 2007

أبوّة بوش

خرج الموضوع عن حدود الشك، وقطع الظن باليقين، فالحكومة القابضة على البلاد هي حكومة "مزرعة تكساس"، وأمر بقائها تستمده من البيت الابيض. المسألة لم تعد مستورة ابداً، والفضيحة وقّع عليها بوش في بيان رسمي أكد وصايته وأبوته وحبه وعشقه للحكومة ورئيسها والفريق الذي يتحلق حولها..‏ ربما ظن معدّ البيان البيضاوي انه كشف المستور، وأن أجهزة استخباراته اليقظة والفطنة اكتشفت شيئاً عظيماً عن مؤامرة انقلابية يجري الإعداد لها تحت جنح الظلام لتطيير موظفيه في لبنان، وأن الخطة تقتضي تنظيم تظاهرات عارمة لن تهدأ حتى يتحقق التغيير الحكومي المنشود.‏صُدم اللبنانيون من الاكتشاف العظيم لإدارة بوش، وحزنوا جداً لما سيؤول إليه مصير حكومتهم الشباطية، التي جاءت بها قوى اعتمدت للتغيير خياراً "ديمقراطياً حراً ونزيهاً" باركته واشنطن، وعمدت الى تقديم كل التسهيلات المطلوبة لتحقيقه، ولم تتوقف عن احتضانه وحمايته حتى بالحرب الدموية على طول لبنان وعرضه.‏ هكذا تكون الأبوّة الحقيقية، وفي هكذا مواقف يُظهر الأصدقاء محبتهم، فلا يبخلون على حلفائهم حتى بالدماء التي نزفت من الشعب الذي يدّعون انهم السلطة الحامية له.‏ للوهلة الأولى فرح الرئيس السنيورة حين سمع بيان البيت الأبيض، وأدرك ان الأصدقاء لا يتخلون في الشدائد عن بعضهم، وهزّ برأسه زعيم المختارة فزيارته الى واشنطن لم تذهب هباءً، وبالتأكيد سيختلف مع زملائه من زوار واشنطن على أبوّة البيان، ومن سيقبض ثمنه السياسي وغير السياسي، وستبتدع قريطم حلاً لإرضاء شركائها حتى لا يتقاتلوا، فتصبح كلفة إرضائهم أكبر.‏ نِعْمَ الادارة الاميركية هي التي لا تتخلى عن "موظفيها" ـ وأظن انها في هذه المرحلة لن تتركهم ـ ستحميهم بكل ما أوتيت من قوة، وإذا ضاق الامر بها أجلتهم كما تجلي رعاياها، ولو اضطرت لدفع ثمن بطاقات السفر.‏ في فيتنام (كما ذكّرنا السيد) الامر لم يكن كذلك.‏
أمير قانصوه
‏ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006

سقط فيلتمان.. فانتصرنا

انقلاب على فيلتمان.. كان هذا هو عنوان هذه الزاوية في 1ـ 12ـ 2006.. أي في اليوم الذي انطلق فيه تحرك المعارضة الوطنية اللبنانية بهدف الشراكة السياسية في بناء الوطن ووضع حد للوصاية الأميركية التي كانت بلغت حد ادارة البلد من قبل السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان..
يومها خرج الكثير من أقطاب الفريق الحاكم ليصفوا تحرك المعارضة الوطنية بالانقلاب على الدولة بهدف استجلاب وصاية أخرى، ووضعوا كل قدراتهم العصبية والمذهبية، وبنوا من عنادهم جداراً أمام أكثر من نصف اللبنانيين الذين لم يخرجوا الى ساحات بيروت بهدف التغيير، بل الشراكة، مع انهم كانوا قادرين حينها على قلب الحكم وفرض رؤيتهم بإرادة شعبية حقيقية.
ويستطيع أي مراقب من خلال مراجعة متأنية لما حصل طوال أكثر من عام ونصف قبل اتفاق الدوحة أن يكتشف أن ما شهده لبنان هو أطول تحرك سلمي مدني لأهداف سياسية لم يكن له مثيل حتى في الدول التي تدعي الديمقراطية، وهذا يكشف ان المعارضة كانت تملك ارادة وصبراً لم يتوافرا للفريق الحاكم الذي جهد لتحويل الاختلاف السياسي الى صراع مذهبي، وأخرج مسلحيه في اكثر من مناسبة الى الشوارع معترضاً انصار المعارضة ومعتدياً عليهم بالسلاح..
وكانت المعارضة تقابل ذلك بالصبر الذي نفد حين تجاوز هذا الفريق الحدود القصوى، وانتقل من مرحلة الوصاية الى مرحلة تنفيذ البرنامج الاميركي، وأول بنوده إنهاء المقاومة.. وخرجت المعارضة من الاحداث الأخيرة أيضاً بتواضع برغم أرجحيتها في الشارع، وذهبت الى الحوار في الدوحة تريد الاتفاق الذي يسقط الاستئثار والارتهان الى الخارج.. وحتى عندما أنجز اتفاق الدوحة متضمنا السلة المتكاملة وكل ما كانت تطالب به المعارضة، تعاملت مع انتصارها هذا بتواضع، فلم تطلق عليه حتى صفة انتصار..
نعم هو انتصار لأنه أسقط منطق فيلتمان، وحقق الانقلاب المأمول على الوصاية الاميركية، وبالتالي لا أحد يمكن أن يدرك حقيقة هذا الانتصار، كما يدرك الاميركيون حجم الهزيمة التي ذاقوا طعمها في تموز عام 2006، وفي 25 أيار عام 2000.
نعم هزمت أميركا فانتصرنا.
أمير قانصوه