الأربعاء، 27 أغسطس 2008

إغضب اغضب اغضب


فــاروق جويدة


إغضب - اغضب - اغضب
اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين
اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين
اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين

* * * *

اغضب
فالأرض تحزن حين ترتجف النسور
ويحتويها الخوف والحزن الدفين
الأرض تحزن حين يسترخى الرجال
مع النهاية .. عاجزين
* * * *

اغضب
فإن العار يسكـُنـُنا
ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح
يقتـُل في جوانحنا الحنين
ارفض زمان العهر
والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين
اغضب
فإنك إن ركعت اليوم
سوف تظل تركع بعد آلاف السنين
اغضب
فإن الناس حولك نائمون
وكاذبون
وعاهرون
ومنتشون بسكرة العجز المهين
اغضب
إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين
اغضب
فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ
كانت - وربُ الناسِ- خير العالمين
فالله لم يخلق شعوباً تستكين
* * * *

اغضب
إذا لاحت أمامك
صورة الكهان يبتسمون
والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين
ابصـُق على الشاشات
إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعين
اغضب
إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا
وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين
اغضب
إذا ارتعدت عيونك
والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين
* * * *
اغضب
إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ
باعت كل شئٍ
كل أرضٍ
كل عِرضٍ
كل دين

* * * *

ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـين
اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال
ويُـشرق الحق المبين
اغضب
ولا تُسمع احد

* * * *

فإنك إن تركت الأرض عارية
يُـضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل
سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال
جيلا ً.. بعد جيل
وترى النهاية أمة . مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل
ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم
واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل
كيف استباح الشرُ أرضك ؟
واستباح العُهر عرضك ؟
واستباح الذئبُ قبرك ؟
واستباحك فى الورى
ظلمُ الطـُغاةِ الطامعين ؟؟؟

* * * *

اغضب
إذا شاهدت كـُهَّان العروبة كل محتال تـَخـفـَّى في نفق
ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق
وتزاحم الكـُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق
اغضب
كـَـكـُـلِّ السَّاخطين
اغضب
فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا
عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدين

* * * *

إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد
ماتوا جائعين
فالأرض لا تنسى صهيل خيولها
حتى ولو غابت سنين
الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز
تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين
الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ
وتحب عـُـشاق الحياة
وكل عزمٍ لا يلين
فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني
وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى
وتسابق الضوءان
ضوء القبر .. في ضوء الجبين
وغداً يكون لنا الخلاص
يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين

* * * *

اغضب
فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين
اغضب
ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين
اغضب
فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب
ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب
والأرض أولى بالغضب
سافرت في كل العصور
وما رأيت .. سوى العجب
شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب
ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب
ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب
ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب
ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب
ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب
ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب
ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب
فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب
اغضب
ولا تُسمع أحد
قالوا بأن الأرض شاخت .. أجدبت
منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد
قالوا بأن الله خاصمها
وأن رجالها خانوا الأمانة
واستباحوا كل عهد
الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة
ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد
تـُخفى آساها عن عيون الناس تـُنكر عجزها
لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ
سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد

* * * *

اغضب
ولا تُسمع أحد
أ سمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد
أ سمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد
والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد
لم يبق غير الموت
إما أن تموت فداء أرضك
أو تـُباع لأي وغد
مت في ثراها
إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد

"خالتي" أم أحمد


ربيع دهام
أنت المعجونة بحطب الأيام ... والآلام
أنت التي خبزَتكِ السنين وخبزتيها بعرق يديك وجبينك ...
أنت التي رأيتِي أولادك يكبرون ويتزوجون ويسافرون ...ويستشهدون!
وأنت التي تصرخين بعد دمار كل بيت بنيتيه وكل حلم حلمتيه : " أينكم يا عرب؟!"
"أينكم يا عرب؟!" ......
خالتي إم أحمد ، ربما يسبّب كلامي هذا ألما ً إضافيا ً لك وحملا ً ثقيلا ً على صدرك ، ولكني أقول لك ... ولا أقول إلا الحقيقة.
خالتي إم أحمد ،إن الذين دمروا بيتك وحرقوا أرضك هم العرب!
إن الذين تسألين عنهم وتستنجدين بهم هم الآن في الغرفات المظلمة يخططون لقتلك ولقتل كل ما تمثلينه وكل ما تختزنينه في صدرك من عزة وكرامة وصبر وخير.
خالتي إم أحمد، إن العرب الذين تتألمين لغيابهم ليسوا غائبين!
إنهم في وقود الطائرات الصهيونية ،تأتي تحت جنح الظلام لتقصف بيتك وتدمر أرضك ..
إنهم في صواريخ البوارج تحطم عظام الأطفال .... لأن أطفالك يا خالتي هم بذور الثورة .
بذور الحياة الكريمة التي نريدها ولا يريدونها لنا ...
ثورة خلقتيها أنت .... وخرجت من رحم جهادك وعذابك ...
ثورة تربّت في حضنك ورَضِعَتْ من حليبِ الشقاء ، وكبرت وكبرت حتى صارت صرخة مدويّة تعانق السماء ...
يا خالتي أم أحمد ، أخاف على جرح شعورك ، ولكني أخجل من نفسي إن كذبت عليك وقلت لك إن العرب غائبون ....
يا ليتهم يا خالتي كذلك! .... يا ليتهم!
إنهم حاضرون في كل خنجر يطعن مقاوما ً
و حاضرون في كل قنبلة مزروعة تنفجر بمواطن على جنبات الطريق أو في سيارته ...
الآن يا خالتي هم مع الأميركيين والصهاينة في قصورهم يخططون لتدمير كل بلد عربي يقاوم.
فهم الذين دمروا العراق ... وهم الذين اليوم يحاربون مقاومته .
وهم الذين خططوا مع أولمرت وبوش لضرب أولادك في لبنان في حرب تموز ...
وهم الذين يحاصرون غزّة ويجوّعونها ... ليفعلوا بأطفالها ما فعلوه بالأولاد العراقيين .
وهم الذين اليوم يحاولون طعن المقاومة في الصدر بعد أن كانوا يحاولون طعنها من الخلف ...
حتى الخجل قد ذهب منهم يا خالتي ...قد تخلى عنهم بعد أن تركتهم الكرامة منذ زمن طويل ....
خالتي أم أحمد ، أرجوك لا تبكي ..فدمعة واحدة تسقط من عينيك تساوي عندي الدنيا وكل ما فيها ...
أحبسيها في عينيك وفي صدرك وفي كيانك علها تتفجّر بركان ثورة أكبر وأعمق في المستقبل القريب ....
ثورة على كل الفاسدين والفاسقين والظالمين على هذه الأرض ...
الثورة والمقاومة يا خالتي هي صنيعة يديك .... أنت أمها الأولى والأخيرة ...
والأم التي تهز ولدها في يمينها ....تهز العالم في يسارها ....
خالتي إم أحمد .... ثورتك هذه ستهز الدنيا ....فلا تستنجدي بالـ"عرب" ...
فعلى يدَيْ ثورتك المقدّسة ، ستهتز عروشهم هناك!