الأربعاء، 27 أغسطس 2008

"خالتي" أم أحمد


ربيع دهام
أنت المعجونة بحطب الأيام ... والآلام
أنت التي خبزَتكِ السنين وخبزتيها بعرق يديك وجبينك ...
أنت التي رأيتِي أولادك يكبرون ويتزوجون ويسافرون ...ويستشهدون!
وأنت التي تصرخين بعد دمار كل بيت بنيتيه وكل حلم حلمتيه : " أينكم يا عرب؟!"
"أينكم يا عرب؟!" ......
خالتي إم أحمد ، ربما يسبّب كلامي هذا ألما ً إضافيا ً لك وحملا ً ثقيلا ً على صدرك ، ولكني أقول لك ... ولا أقول إلا الحقيقة.
خالتي إم أحمد ،إن الذين دمروا بيتك وحرقوا أرضك هم العرب!
إن الذين تسألين عنهم وتستنجدين بهم هم الآن في الغرفات المظلمة يخططون لقتلك ولقتل كل ما تمثلينه وكل ما تختزنينه في صدرك من عزة وكرامة وصبر وخير.
خالتي إم أحمد، إن العرب الذين تتألمين لغيابهم ليسوا غائبين!
إنهم في وقود الطائرات الصهيونية ،تأتي تحت جنح الظلام لتقصف بيتك وتدمر أرضك ..
إنهم في صواريخ البوارج تحطم عظام الأطفال .... لأن أطفالك يا خالتي هم بذور الثورة .
بذور الحياة الكريمة التي نريدها ولا يريدونها لنا ...
ثورة خلقتيها أنت .... وخرجت من رحم جهادك وعذابك ...
ثورة تربّت في حضنك ورَضِعَتْ من حليبِ الشقاء ، وكبرت وكبرت حتى صارت صرخة مدويّة تعانق السماء ...
يا خالتي أم أحمد ، أخاف على جرح شعورك ، ولكني أخجل من نفسي إن كذبت عليك وقلت لك إن العرب غائبون ....
يا ليتهم يا خالتي كذلك! .... يا ليتهم!
إنهم حاضرون في كل خنجر يطعن مقاوما ً
و حاضرون في كل قنبلة مزروعة تنفجر بمواطن على جنبات الطريق أو في سيارته ...
الآن يا خالتي هم مع الأميركيين والصهاينة في قصورهم يخططون لتدمير كل بلد عربي يقاوم.
فهم الذين دمروا العراق ... وهم الذين اليوم يحاربون مقاومته .
وهم الذين خططوا مع أولمرت وبوش لضرب أولادك في لبنان في حرب تموز ...
وهم الذين يحاصرون غزّة ويجوّعونها ... ليفعلوا بأطفالها ما فعلوه بالأولاد العراقيين .
وهم الذين اليوم يحاولون طعن المقاومة في الصدر بعد أن كانوا يحاولون طعنها من الخلف ...
حتى الخجل قد ذهب منهم يا خالتي ...قد تخلى عنهم بعد أن تركتهم الكرامة منذ زمن طويل ....
خالتي أم أحمد ، أرجوك لا تبكي ..فدمعة واحدة تسقط من عينيك تساوي عندي الدنيا وكل ما فيها ...
أحبسيها في عينيك وفي صدرك وفي كيانك علها تتفجّر بركان ثورة أكبر وأعمق في المستقبل القريب ....
ثورة على كل الفاسدين والفاسقين والظالمين على هذه الأرض ...
الثورة والمقاومة يا خالتي هي صنيعة يديك .... أنت أمها الأولى والأخيرة ...
والأم التي تهز ولدها في يمينها ....تهز العالم في يسارها ....
خالتي إم أحمد .... ثورتك هذه ستهز الدنيا ....فلا تستنجدي بالـ"عرب" ...
فعلى يدَيْ ثورتك المقدّسة ، ستهتز عروشهم هناك!

ليست هناك تعليقات: