الجمعة، 13 يونيو 2008

الصبر على الصبر

يستطيع السياسيون اللبنانيون بكل برودة أعصاب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.. يستطيعون أن يشكلوها في الوقت الذي يشاؤون وبالأسماء التي يرغبون وبالألوان التي يختارونها.. لكن ما لا يستطيعونه هو إرغام الناس على الصبر!
فلا يستطيع الناس الصبر على التوترات الأمنية كالتي شهدها البقاع وبيروت، والتي صاحبت تنفيذ اتفاق الدوحة في بنده الثاني المتعلق بالحكومة.. وهي نتاج المماطلة في تشكيل هذه الحكومة بالصورة التي تؤمّن الاستقرار السياسي بنفس روحية ما اتفق عليه في الدوحة، أي تحت مبدأ الـ"لا غالب ولا مغلوب"، والذي صفق له الجميع من الشرق الى الغرب.
ولا يستطيع الناس الصبر على الكم الهائل من التحريض الذي تبثه وسائل إعلام تابعة لفريق السلطة، من النوع الذي أطلق عليه أحد مقدمي البرامج في تلفزيون تيار المستقبل بعد أحداث بيروت بالتفريغ النفسي.. وهو ما كان يقصد غير الشحن الطائفي والمذهبي، لا سيما أن حلقات الشحن التي أعدها جاءت بعد تصريحه الشهير بأنه بات الآن طائفياً.
ولا يستطيع الناس الصبر أيضاً وأيضاً على الغلاء في أسعار السلع والمواد الغذائية والتقنين القاسي في الكهرباء، والارتفاع المطّرد لأسعار الوقود من البنزين الى المازوت والغاز.. وكأنه بات على الناس أن يصبروا إذا هدد أمنهم تحت أعين سلطة لم يعد يهمها غير الإمساك أكثر بمقاليد الحكم والسيطرة على كل المواقع في الدولة، وعلى الناس أن يسكتوا اذا ما دخل التهديد من شاشات التلفزة.. وعليهم أن يصبروا صبر أيوب على سياسة تجويعهم وخنقهم.. وإذا لم تكن هي سياسة ففي الحد الأدنى لا يفعل السياسيون المتحكمون بالسلطة ما يمكن أن يضع حداً لجوعهم، وخير مثال على ذلك الكهرباء، فالمواطن لا يحتاج إلى منظار حتى يرى بواخر الفيول والمازوت متوقفة قبالة الشواطئ اللبنانية تحتاج من وزارة المال الى فتح اعتماد لمؤسسة الكهرباء لتفرغ حمولتها وتشع الأنوار في بيوت الناس.
مع كل ذلك يطلب من الناس الصبر ويطلب من المعارضة أن تتواضع في رفضها سياسة الاستئثار التي ينتهجها هذا الفريق منذ أكثر من عامين، ويصرّ اليوم على الاستمرار بها.
لتتشكل الحكومة متى يُتوافق على مفرداتها.. لكن حتى ذلك الحين ضعوا حداً للتوترات الأمنية.. كفوا عن التحريض المذهبي ودعوا الناس يأكلون، فقد شبعوا صبراً.
الانتقاد/ العدد1272 ـ 13 حزيران/ يونيو