خرج الموضوع عن حدود الشك، وقطع الظن باليقين، فالحكومة القابضة على البلاد هي حكومة "مزرعة تكساس"، وأمر بقائها تستمده من البيت الابيض. المسألة لم تعد مستورة ابداً، والفضيحة وقّع عليها بوش في بيان رسمي أكد وصايته وأبوته وحبه وعشقه للحكومة ورئيسها والفريق الذي يتحلق حولها.. ربما ظن معدّ البيان البيضاوي انه كشف المستور، وأن أجهزة استخباراته اليقظة والفطنة اكتشفت شيئاً عظيماً عن مؤامرة انقلابية يجري الإعداد لها تحت جنح الظلام لتطيير موظفيه في لبنان، وأن الخطة تقتضي تنظيم تظاهرات عارمة لن تهدأ حتى يتحقق التغيير الحكومي المنشود.صُدم اللبنانيون من الاكتشاف العظيم لإدارة بوش، وحزنوا جداً لما سيؤول إليه مصير حكومتهم الشباطية، التي جاءت بها قوى اعتمدت للتغيير خياراً "ديمقراطياً حراً ونزيهاً" باركته واشنطن، وعمدت الى تقديم كل التسهيلات المطلوبة لتحقيقه، ولم تتوقف عن احتضانه وحمايته حتى بالحرب الدموية على طول لبنان وعرضه. هكذا تكون الأبوّة الحقيقية، وفي هكذا مواقف يُظهر الأصدقاء محبتهم، فلا يبخلون على حلفائهم حتى بالدماء التي نزفت من الشعب الذي يدّعون انهم السلطة الحامية له. للوهلة الأولى فرح الرئيس السنيورة حين سمع بيان البيت الأبيض، وأدرك ان الأصدقاء لا يتخلون في الشدائد عن بعضهم، وهزّ برأسه زعيم المختارة فزيارته الى واشنطن لم تذهب هباءً، وبالتأكيد سيختلف مع زملائه من زوار واشنطن على أبوّة البيان، ومن سيقبض ثمنه السياسي وغير السياسي، وستبتدع قريطم حلاً لإرضاء شركائها حتى لا يتقاتلوا، فتصبح كلفة إرضائهم أكبر. نِعْمَ الادارة الاميركية هي التي لا تتخلى عن "موظفيها" ـ وأظن انها في هذه المرحلة لن تتركهم ـ ستحميهم بكل ما أوتيت من قوة، وإذا ضاق الامر بها أجلتهم كما تجلي رعاياها، ولو اضطرت لدفع ثمن بطاقات السفر. في فيتنام (كما ذكّرنا السيد) الامر لم يكن كذلك.
أمير قانصوه
3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق